شركة اوريجينال
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2)

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) Empty مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2)

مُساهمة من طرف aziza10 الإثنين فبراير 22, 2010 5:48 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

د. أحمد خيري العمري

الثوابت أولاً: حسابات الحقل والبيدر

فكرة النهضة التي تركناها في الحاضنة التاريخية، في كهف الكمون، انتظرت فترة طويلة حتى تمكنت من الخروج لمواجهة الواقع، وبعد الخروج من الكهف، يأخذنا السياق إلى طور الاستحالة الثاني، إلى صاحب الجنتين، وصاحبه، وذلك الحوار الذي تجاوز كل السياقات التاريخية، ليكون صالحاً لكل زمان ومكان: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً(*) كِلْتا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً(*) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً(*) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً(*) وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (*) قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً(*) لَكِنّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (*) وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً(*) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً(*) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً(*) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً(*) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً}[الكهف: 18/32-43].. سنلاحظ هنا أنهما "رجلان" هنا، الرجل المؤمن، والرجل الكافر، أي إن الإيمان لم يعد ممثلاً بفتية تمردوا على مكرسات مجتمعهم، والتجؤوا إلى "كهف" ليكمن إيمانهم هناك، بل صار ممثلاً في "رجل" مؤمن، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الإيمان هنا تجاوز مرحلة المشاعر التي قد تغلب عليها العاطفة والحماس، ليصل إلى مرحلة أكثر نضوجاً تحتوي على هذه المشاعر، ولكن تضم أيضاً أبعاداً أخرى، تجعلها أكثر قوة، وتمكناً.

فلنلاحظ هنا أيضاً، أن طور الاستحالة الثاني، الأكثر قوة وتمكناً، صار ممثلاً في فرد واحد، وليس في مجموعة أفراد كما في الطور الأول، ولا يمكن أن يكون هذا قد حصل مصادفةً، لقد قلَّ "العدد" الممثل للطور الثاني، لكن القوة ازدادت، وهذا ينفي فوراً فكرتنا التقليدية عن "الكم"، لصالح "النوع"، فـ"الرجل" الذي مثل فكرة الإيمان والنهضة هنا، كان من "نوع" مرتفع جداً، بحيث إن ذلك "عوَّض" عن قلة العدد.. لم يكن الرجل هنا مجرد فرد عادي، مجرد مؤمن آخر، بل كان "رجلاً" حمل مسؤولية الحوار مع الفكرة المضادة، لم يهرب من مواجهتها، ولم يذب فيها وفي انتصارها، كان رجلاً واحداً هنا، لكنه كان يملك أرضية "الفكر" المستعد للصمود بوجه الفكر الآخر..

فلننتبه هنا، أن السياق القرآني لا يضع الرجل المؤمن في موضع "الداعية" مع الرجل الكافر، فليسَ هو من بادر إلى الحوار، ولكن الرجل الآخر، صاحب الجنتين، هو الذي ابتدأ: {وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} [الكهف: 18/34]..

وهذا يجعلنا ننتبه إلى أن الحوار قد يفرض أحياناً من الجهة الأخرى، وليس بالضرورة البدء إلا عند تمام الاستعداد لذلك، والأمر الثاني الأكثر أهمية هو أن "رجلنا" لم يرد على الآخر عندما كان الحديث عن {أَنا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً}، أي عندما كان يتحدث عن تفاصيل ثرائه وارتفاع مستوى دخله، ليس لأن هذه التفاصيل كانت حقيقية فحسب، بل لأن المقارنة هنا مجتزأة، وخارجة عن سياق تطور الفكرتين، فالكافر كان يعرض “ثمرة” نتاجه وهي في أوجها، بعد أن مرَّت بأطوار وأدوار استحالتها الخاصة بها، وصولاً إلى “الثمر” الذي يباهي به، ناتجه من تطور فكرته وتحقيقها على أرض الواقع، أما الرجل المؤمن، فلم يكن فكره أكثر من بذرة أخرجت تواً من كهف كمونها، ولا تزال في مراحلها المبكرة.

المقارنة هنا، هي مثل المقارنة بين رجل في مقتبل العمر، وجنين لم يولد بعد، الرجل حتماً أكثر قوة وقدرة، ونجاحاً وثراء.. هو {أكثر مالاً وأعز نفراً} حتماً وبالتأكيد لأن الجنين لم يأخذ فرصته بعد. المقارنة مرفوضة أصلاً، لأنها تجتزئ النتائج من السياق، سنلاحظ لاحقاً، بروزاً من صاحب الجنتين ما يدل على كفره: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً (*) وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً} [الكهف: 18/35-36]. هنا سيكون الحديث ليس عن الثمر، والناتج، بل عن أصل البذرة، عن الفكرة الأصلية، عن الحجر الأساس الذي كون البناء كله، هنا صار بإمكان رجلنا أن يحاور، بل صار من واجبه أن يحاور، لذا لا سكوت هنا، بل جواب صريح وواضح يسمي الأشياء بمسمياتها، ويقول له، دون مواربة: أكفرت؟.. {قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً} [الكهف: 37/18] ويذكره، خلال ذلك، بأدوار استحالته هو، من العدم (من التراب) إلى الكينونة (الرجل).. كما لو أنه يشير هنا إلى أن كل كينونة إنسانية، لا بد أن تمر بمراحل التطور هذه، وأن مقارنته السابقة كانت ظالمة، مثل مقارنة نطفة، برجل..

فلننتبه هنا أن "رجلنا" لم تبهره ثروة صاحب الجنتين، كما أنه لم يكن مصاباً بعقدة نقص أمام نجاح صاحبه، ليس لأنه زاهد في الدنيا وما فيها، أو لأنه يريد الآخرة بمعنى عزل ذلك عن الدنيا، بل لأنه صاحب "ثوابت"، وبناؤه الذي يسعى لإنجازه يجب أن يكون مبنياً على أسس واضحة ومتينة، وأي بناء آخر، مبني على أسس أخرىـ مناقضة أو مضادة، يجب ألا يهزه أو يغويه، مهما تطاول وبدا براقاً..

كان صاحب الثوابت، في طور استحالته هذه، مفكراً يؤمن بتكريس وتحديد الثوابت، لا من أجل الدفاع عن الهوية ضد آخر يؤمن بعكس ما يؤمن، بل من أجل مشروعه الخاص، من أجل أن ينفذ من طور استحالة إلى آخر، فدون هذه الثوابت، ما كان يمكن لطور الاستحالة أن ينجز لأن الأساس في هذا الطور هو تحديد هذه الثوابت وبلورة وتوضيح حدودها، لأن هذا الأمر مهم لأية فكرة تمر بأطوارها الجنينية، أن تحدد ما هو أساسي، وما يجب المحافظة عليه، ما هو جوهر، وما هو حجر أساس يرتكز عليه السياق كله..

تحديد الثوابت مهم لهذه المرحلة، ومهم لتطور المراحل اللاحقة، لأن عدم الوضوح، وعدم وجود حدود واضحة، قد يعرض الفكرة لموت مبكر، عبر نفاذ أفكار أخرى، تمر بأطوار استحالة أكثر تطوراً، وتملك لذلك بريقاً أكبر قد يسهل دخولها، وحتى هيمنتها، ما لم تكن هناك حدود واضحة، حدود الثوابت التي هي المقياس والمعيار الذي يجب مقارنة النتائج، وتطور المراحل، على أساسه..


ولو أننا كنا في ذلك الطور، لسمعنا، وربما لقلنا شخصياً، للرجل صاحب الثوابت، أن يكف عن ذلك، وأن ينظر إلى ما أنجزه صاحب الجنتين، أن ينظر إلى ثمره، أو مستوى دخله، إلى الرفاهية التي حققها لشعبه، إلى تطاول بنيانه، إلى التقانة التي حققها.. سنسمع من يقول له: إنه يكابر، وإنه "ينتقد" فقط لأنه فاشل، وإنه مهما كانت هناك سلبيات لمشروع صاحب الجنتين، فإن ذلك أفضل من اللاشيء، أفضل من الأفكار المطلقة والتنظير المجرد الذي يروج له الرجل المؤمن، سنسمع من ينصحه بأن يحاول الالتحاق بصاحب الجنتين، أن يكون جزءاً من مشروعه، أن يجد له وظيفة عنده، أن يتعلم عنده "الصنعة"، وأن يفهم كيف وصل لما وصل إليه.. كيف وصل "لثمره".. وسيكون ذلك كله منطلقاً من مقارنة غير عادلة بين مراحل غير مترابطة، مقارنة بين ثمر في وقت حصاده، وبين بذرة قد زرعت للتو.. سيكون المنطلق صحيحاً لو أن صاحب البذرة لا يضمر لها غير أن تكون بذرة فقط، لو أنه ينوي الاكتفاء بالتنظير المجرد، لكن التنظير للنهوض وتحديد الثوابت جزء من مشروعه، مرحلة لا بد أن يمر بها، طور استحالة يمر عبره، ويتبلور عبره، وتتحدد شخصيته أكثر، ليكون مهيئاً، لطور آخر، وآخر، وصولاً إلى ما كان يبدو أنه المستحيل بعينه :النهضة..
aziza10
aziza10
ღ عضو محترف ღ
ღ عضو محترف ღ

الْعُمْر الْعُمْر : 33
 الجنس : انثى
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 427
بلدي بلدي : الجزائر
الْنِّقَاط الْنِّقَاط : 16545
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
. مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) 111010

http://www.veecos.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) Empty رد: مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2)

مُساهمة من طرف Cre@tor الخميس سبتمبر 09, 2010 3:03 am

شكرا على الموضوع
تسلم أيدكـ


Cre@tor
Cre@tor
عضو مؤسس
v I p

الْعُمْر الْعُمْر : 29
 الجنس : ذكر
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 3882
بلدي بلدي : الجزائر
الْنِّقَاط الْنِّقَاط : 21459
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
. مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) 111010

http://www.orignale.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) Empty رد: مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2)

مُساهمة من طرف Design-sasuke الأربعاء مارس 16, 2011 8:33 pm

مششكور الله ييعطيك الع ـاافيه
Design-sasuke
Design-sasuke
ღ عضو ღ v I p
ღ عضو ღ v I p

الْعُمْر الْعُمْر : 31
 الجنس : ذكر
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 8432
بلدي بلدي : سوريا
الْنِّقَاط الْنِّقَاط : 29237
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
. مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) 111010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) Empty رد: مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2)

مُساهمة من طرف 1M ThE BesT الإثنين مارس 21, 2011 2:33 am

جزاك الله خيرااااااا

يستطيع المرء أن يكتب ويقدم ولكن ...!!

لايستطيع أن يحصــى الشــكر لأهل الفضل

بارك الله بك وبطلتك
1M ThE BesT
1M ThE BesT
є∂αяу σяιgιηαℓє
مدير ومؤسس الموقع

الْعُمْر الْعُمْر : 26
 الجنس : ذكر
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 11186
بلدي بلدي : الجزائر
الْنِّقَاط الْنِّقَاط : 32728
السٌّمعَة السٌّمعَة : 14
. مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) 111010

http://oriiginale.co.cc

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) Empty رد: مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2)

مُساهمة من طرف rih الثلاثاء مارس 29, 2011 2:59 pm

للامام نورتنا بمواضيعك
rih
rih
ღ عضو ღ v I p
ღ عضو ღ v I p

الْعُمْر الْعُمْر : 43
 الجنس : ذكر
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 2084
بلدي بلدي : الجزائر
الْنِّقَاط الْنِّقَاط : 18007
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
. مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين(2) 111010

http://arbfor.yoo7.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى