هل القول بالغائية في العلم يلغي العلمية؟
+3
Cre@tor
a.boelez
aziza10
7 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هل القول بالغائية في العلم يلغي العلمية؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]د. محمد بن موسى باباعمي
مما جاء في الكتاب المقدَّس: «إنَّ القمر صنع لينير ليلا». فهل هذه العلَّة الغائية التي وجد الشيء من أجلها، تشبع نهم العالم، فيعتبرها تعليلا علميًّا؟يجب أن نفرّْق أولا بين مفهومين للغاية، قد يقع بينهما لبس:
*الأول- هو الغاية من العلم؛ والتي بينَّا أنها تكمن في ابتغاء رضوان الله تعالى؛ فهي إذن خارج سلسلة العلل المادية، ومصدرُ معرفتها ليست هي الحواسُّ، لكنَّه العقل المتدبِّر في النهايات، مسنودا بالوحي الذي ينير له الطريق. فهذه الغاية، لا مناص منها، ولا يعني الاهتمام بها التنكُّر للعلمية، ولا النفورَ من البحث العلميِّ، ذلك أنَّ هذا التصوُّر المشين يمتدُّ بجذوره إلى الجبرية المفرطة.
*الثاني- الغاية في العلم؛ أي أنَّنا عندما نلاحظ ظاهرة طبيعية، نطرح السؤال على صيغة: لماذا؟ فيكون الجواب على ضربين: إمَّا بسرد الأحداث السابقة التي سبَّبته، أو بالعلَّة التي وجد من أجلها. فمثلا، إذا لاحظنا وباء جديدا في تجمُّع بشري، وكان السؤال: لماذا ظهر هذا الوباء؟ فالجواب يكون: لأنَّ هؤلاء الناس لم يهتموا بالنظافة. أو يكون: لأنَّ الله تعالى عاقبهم على ذنوبهم.
ففي كلا الحالين، لا ننفي العلمية عن هذا التعليل، لكننا نخرجها من دائرة البحث التجريبي المخبري، الذي يعتمد مناهج علم الأوبئة (epidemiology)، ويدرس الأسباب المباشرة (أي العلَّة الفاعلة المباشرة، كما يسمِّيها أرسطو)، فيصل في النهاية إلى جواب "علميٍّ" يمكن تعميمه، وإيجاد الأدوية اللازمة للمقاومة، والحذر من تكراره لئلا يتكرر الوباء... الخ.
أمَّا الكثير من الفلاسفة الماديين، فعوض أن يفصلوا بين العلل، ويعتبروها -باسثناء الخرافة- عللا علمية، فإنهم راحوا يلغون كلَّ علَّة غير مادية، وينفون عنها صفة العلمية؛ لكن، لحسن الحظِّ، فإنَّ البعض من العلماء لم يقع في هذا الخلط، فإسحاق نيوتن مثلا، «لا يزال يرى أن لا بدَّ من خلق لبدء عملية التحرك» (رسل، أثر العلم) ومعنى هذا أنه لا بدَّ من علَّة أولى، هي علَّة العلل كما يسمِّيها بعض الفلاسفة، ولولاها لما وجدت حركة ولا شيء على الإطلاق.
غير أنه –لكي يخرج من دائرة التعليل الغائي المثبط– اقترح حلاُّ، وهو «أنَّ الله تعالى بعد الخلق ترك هذه العملية تجري وفقا لِما لها من قوانين خاصَّة» (رسل، أثر العلم).
وفي الحقيقة: إنَّ هذا الحلَّ قد يبدو مقنعا، لكن لا بدَّ أن نبيِّن أن ليس هناك أيُّ تعارض بين تواصل إرادة الله تعالى وكونه أبدع سننا يسير عليها الكون، وتدرُج عليها الأشياء، ولا تُنقض هذه السنن لأحد، ولا يقدر أحد أن يخرقها، إلاَّ في حالات نادرة، وهي التي تسمَّى بالمعجزة، التي تكون للأنبياء فقط.
أمَّا ما يروَّج من كرامات للأولياء، من قبيل نقض هذه السنن، فهي في تقديري ضرب من الجهل بحقيقة الكون، وخرافة لا يملك العقل ولا القلب أن يصدِّقها.
ففي القرآن الكريم جواب شاف لهذا، في قوله تعالى: «سنَّة الله، ولن تجد لسنَّة الله تبديلا» في آية الأحزاب، «ولا تجد لسنَّتنا تحويلا» في آية الإسراء.
فينبغي -في البحث العلمي- أن نفرِّق بين الغاية من العلم، والغاية في العلم؛ فالأولى ضرورية، بل أصبحت في مجال الكسمولوجيا، مع انتصار نظرية الخلق، حقيقة علمية يقرُّ بها أكثر العلماء مَضاء. أمَّا الثانية، فهي إذا لم تُفهم جيدا، مُضرَّة بالعقل، دافعة إلى الكسل، مثبطة عن البحث العلميٍّ الجادِّ.
ومحاولة إلغاء الإله من أوساط العلم، لإحلال أوهام تقوم مقامه، من مثل الصدفة، محاولة فاشلة بكلَِّ المقاييس العلمية، يقول محمد الغزالي: "أودُّ أن أنفي بشدَّة وبقوَّة ما يدور على أفواه البعض من أنَّ البيئة العلمية تربة خصبة للإلحاد، إنَّ هذه شائعة مفتراة، لا يليق أن نستمع إليها.
وهدف الذين روَّجوها، الإيهام بأنَّ الإيمان ينبت في الأوساط الجاهلة، ويستخفي في الأوساط العاقلة. وهذه فرية مفضوحة، فإنَّ الإلحاد آفة نفسية، وليس شبهة علمية" (الغزالي، ركائز).
مما جاء في الكتاب المقدَّس: «إنَّ القمر صنع لينير ليلا». فهل هذه العلَّة الغائية التي وجد الشيء من أجلها، تشبع نهم العالم، فيعتبرها تعليلا علميًّا؟يجب أن نفرّْق أولا بين مفهومين للغاية، قد يقع بينهما لبس:
*الأول- هو الغاية من العلم؛ والتي بينَّا أنها تكمن في ابتغاء رضوان الله تعالى؛ فهي إذن خارج سلسلة العلل المادية، ومصدرُ معرفتها ليست هي الحواسُّ، لكنَّه العقل المتدبِّر في النهايات، مسنودا بالوحي الذي ينير له الطريق. فهذه الغاية، لا مناص منها، ولا يعني الاهتمام بها التنكُّر للعلمية، ولا النفورَ من البحث العلميِّ، ذلك أنَّ هذا التصوُّر المشين يمتدُّ بجذوره إلى الجبرية المفرطة.
*الثاني- الغاية في العلم؛ أي أنَّنا عندما نلاحظ ظاهرة طبيعية، نطرح السؤال على صيغة: لماذا؟ فيكون الجواب على ضربين: إمَّا بسرد الأحداث السابقة التي سبَّبته، أو بالعلَّة التي وجد من أجلها. فمثلا، إذا لاحظنا وباء جديدا في تجمُّع بشري، وكان السؤال: لماذا ظهر هذا الوباء؟ فالجواب يكون: لأنَّ هؤلاء الناس لم يهتموا بالنظافة. أو يكون: لأنَّ الله تعالى عاقبهم على ذنوبهم.
ففي كلا الحالين، لا ننفي العلمية عن هذا التعليل، لكننا نخرجها من دائرة البحث التجريبي المخبري، الذي يعتمد مناهج علم الأوبئة (epidemiology)، ويدرس الأسباب المباشرة (أي العلَّة الفاعلة المباشرة، كما يسمِّيها أرسطو)، فيصل في النهاية إلى جواب "علميٍّ" يمكن تعميمه، وإيجاد الأدوية اللازمة للمقاومة، والحذر من تكراره لئلا يتكرر الوباء... الخ.
أمَّا الكثير من الفلاسفة الماديين، فعوض أن يفصلوا بين العلل، ويعتبروها -باسثناء الخرافة- عللا علمية، فإنهم راحوا يلغون كلَّ علَّة غير مادية، وينفون عنها صفة العلمية؛ لكن، لحسن الحظِّ، فإنَّ البعض من العلماء لم يقع في هذا الخلط، فإسحاق نيوتن مثلا، «لا يزال يرى أن لا بدَّ من خلق لبدء عملية التحرك» (رسل، أثر العلم) ومعنى هذا أنه لا بدَّ من علَّة أولى، هي علَّة العلل كما يسمِّيها بعض الفلاسفة، ولولاها لما وجدت حركة ولا شيء على الإطلاق.
غير أنه –لكي يخرج من دائرة التعليل الغائي المثبط– اقترح حلاُّ، وهو «أنَّ الله تعالى بعد الخلق ترك هذه العملية تجري وفقا لِما لها من قوانين خاصَّة» (رسل، أثر العلم).
وفي الحقيقة: إنَّ هذا الحلَّ قد يبدو مقنعا، لكن لا بدَّ أن نبيِّن أن ليس هناك أيُّ تعارض بين تواصل إرادة الله تعالى وكونه أبدع سننا يسير عليها الكون، وتدرُج عليها الأشياء، ولا تُنقض هذه السنن لأحد، ولا يقدر أحد أن يخرقها، إلاَّ في حالات نادرة، وهي التي تسمَّى بالمعجزة، التي تكون للأنبياء فقط.
أمَّا ما يروَّج من كرامات للأولياء، من قبيل نقض هذه السنن، فهي في تقديري ضرب من الجهل بحقيقة الكون، وخرافة لا يملك العقل ولا القلب أن يصدِّقها.
ففي القرآن الكريم جواب شاف لهذا، في قوله تعالى: «سنَّة الله، ولن تجد لسنَّة الله تبديلا» في آية الأحزاب، «ولا تجد لسنَّتنا تحويلا» في آية الإسراء.
فينبغي -في البحث العلمي- أن نفرِّق بين الغاية من العلم، والغاية في العلم؛ فالأولى ضرورية، بل أصبحت في مجال الكسمولوجيا، مع انتصار نظرية الخلق، حقيقة علمية يقرُّ بها أكثر العلماء مَضاء. أمَّا الثانية، فهي إذا لم تُفهم جيدا، مُضرَّة بالعقل، دافعة إلى الكسل، مثبطة عن البحث العلميٍّ الجادِّ.
ومحاولة إلغاء الإله من أوساط العلم، لإحلال أوهام تقوم مقامه، من مثل الصدفة، محاولة فاشلة بكلَِّ المقاييس العلمية، يقول محمد الغزالي: "أودُّ أن أنفي بشدَّة وبقوَّة ما يدور على أفواه البعض من أنَّ البيئة العلمية تربة خصبة للإلحاد، إنَّ هذه شائعة مفتراة، لا يليق أن نستمع إليها.
وهدف الذين روَّجوها، الإيهام بأنَّ الإيمان ينبت في الأوساط الجاهلة، ويستخفي في الأوساط العاقلة. وهذه فرية مفضوحة، فإنَّ الإلحاد آفة نفسية، وليس شبهة علمية" (الغزالي، ركائز).
رد: هل القول بالغائية في العلم يلغي العلمية؟
العفو أخي
شكرا لك على المرور الطيب
أنار الله دروبك بطاعته
شكرا لك على المرور الطيب
أنار الله دروبك بطاعته
رد: هل القول بالغائية في العلم يلغي العلمية؟
شششكرآ ع المووووضوع الج ـميل
Design-sasuke- ღ عضو ღ v I p
- الْعُمْر : 31
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 8432
بلدي :
الْنِّقَاط : 29240
السٌّمعَة : 0
رد: هل القول بالغائية في العلم يلغي العلمية؟
مشكور اخي علي الموضوع الرائع
{وماقصرت ولا تحرمنا من جديدكـ}
مع تحيتي
(KING CR7)
{[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]}
{وماقصرت ولا تحرمنا من جديدكـ}
مع تحيتي
(KING CR7)
{[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]}
مواضيع مماثلة
» الان احصل علي شهادة بخبراتك العلمية
» العلم والإسلام
» حلقات العلم في المساجد
» رفع العلم السعودي على أطول سارية في السعودية والخامسة في العالم
» العلم السعودي , شعار سفين ونخلة , لا الة الا الله والسيف ملفات مفتوحة
» العلم والإسلام
» حلقات العلم في المساجد
» رفع العلم السعودي على أطول سارية في السعودية والخامسة في العالم
» العلم السعودي , شعار سفين ونخلة , لا الة الا الله والسيف ملفات مفتوحة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى