دروس وعبر من حياة الرسول قبل البعثة
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
دروس وعبر من حياة الرسول قبل البعثة
دروس وعبر من حياة الرسول قبل البعثة
آ ـ الوقائع التاريخية
تدلنا الأخبار الثابتة عن حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة على الحقائق التالية :
1-
أنه ولد في أشرف بيت في بيوت العرب ، فهو من أشراف فروع قريش ، وهم بنو
هاشم ، وقريش أشرف قبيلة في العرب ، وأزكاها نسباً ، وأعلاها مكانة ، وقد
روى عن العباس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
إن الله خلق الخلق ، فجعلني من خيرهم من خير فرقهم ، وخير الفريقين . ثم
تخير القبائل ، فجلني من خير قبيلة ، ثم تخير البيوت ، فجعلني من خير
بيوتهم ، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً " .
ولمكانة هذا النسب
الكريم في قريش لم نجدها فيما طعنت به على النبي صلى الله عليه وسلم لاتضاح
نسبة بينهم ، ولقد طعنت فيه بأشياء كثيرة مفتراة إلا هذا الأمر .
2-
أنه نشأ يتيماً ، فقد مات أبو ه عبدالله وأمه حامل به لشهرين فحسب ، ولما
أصبح له من العمر ستى سنوات ماتت أمه آمنة فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره
مرارة الحرمان من عطف الأبوية وحنائهما ، وقد كفله بعد ذلك عمه أبو طالب
حتى نشأ واشتد ساعده ، وإلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله : ( أَلَمْ
يَجْدْكَ يَتِمَياً فَآوى )[ الضحى : 6] .
3- أمضى رسول الله صلى
الله عليه وسلم السنوات الأربع الأولى من طفولته في الصحراء في بني سعد ،
فنشأ قوي البنية ، سليم الجسم ، فصيح اللسان ، جري الجنان ، يحسن ركوب
الخيل على صغر سنة قد تفتحت مواهبه على صفاء الصحراء وهدوئها ، وإشراف
شمسها ونقاوة هوائها .
4- كانت تعرف فيه النجابة من صغره ، وتلوح
على محياه مخابل الذكاء الذي يحببه إلى كل من رآه ن فكان إذا أتى الرسول
وهو غلام جلس على فراش جده ، وكان إذا جلس عليه لا يجلس معه على الفراش أحد
من أولاده ( أعمام الرسول ) ، فيحاول أعمامه انتزاعه عن الفراش ، فيقول
لهم عبد المطلب : دعوا بني ، فوالله إن لشأناً.
5- أنه عليه الصلاة
والسلام كان يرعى في أوائل شبابه لأهل مكة أغناهم بقراريط يأخذها أجراً على
ذلك ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : "ما من نبي إلاقد رعى
الغنم " قالوا : وأنت يا رسول الله " قال " وأنا " وفي رواية أخرى أنها قال
: " ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم " فقال له أصحابه : وأنت يارسول الله
؟ فأجاب : " وأنا رعيتها لأهل مكة على قراريط " ثم لما بلغ من عمره خمساً
وعشرين ، عمل لخديجة بنت خويلد في التجارة بمالها على أجر تؤديه إليه .
6-
لم يشارك عليه الصلاة والسلام أقرانه من شباب مكة في لهوهم ولا عبثهم ،
وقد عصمه الله من ذلك ، فقد استفاض في كتب السيرة أنه سمع وهو في سن الشباب
غناء من إحدى دور مكة في حفلة عرس ، فأراد أنه يشهدها ، فألقى الله عليه
النور ، فما أيقظه إلا حر الشمس ، ولم يشارك قومه في عبادة الأوثان ، ولا
أكل شيئاً مما ذبح لها ، ولم يشرب خمراً ، ولا لعب قماراً ، ولا عرف عنه
فحش في القول ، أول هجر في الكلام .
7- وعرف عنه منذ إدراكه رجحان
العقل ، ولصالة الرأي وفي حادثة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة دليل
واضح على هذا ، هدمها وتجديد بنائها ، وفعلوا ، فلما وصلوا إلى مكان الحجر
الأسود فيما أختلفوا أختلافاً شديداً فيمن يكون له شرف وضع الحجر الأسود في
مكانه ، وأرادت كل قبيلة أن يكون لها هذا الشرف ، وأشتد النزاع حتى
تواعدوا للقتال ، ثم ارتضوا أن يحكم بينهم أول داخل من باب بني شيبة ، فكان
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين ، رضينا
بحكمه ، فلما أخبر بذلك ، حل المشكلة بما رضي عنه جميع المتنازعين ، فقد
بسط رداءه ، ثم أخذ الحجر فوضعها فيه ، ثم أمرهم أن يأخذ كل قبيلة بطرف من
الرداء ، فلما رفعوه ، وبلغ الحج موضعه ، أخذه ووضعها بيده ، فرضوا جميعاً ،
وصان الله بوفور عقله وحكمته دماء العرب من أن تسفك إلى مدى لا يعلمه إلا
الله .
8- عرف عليه الصلاة والسلام في شبابه بين قومه بالصادق
الأمين، وأشتهر بينهم بحسن المعاملة ، والوفاء بالوعد ، واستقامه السيرة ،
وحسن السمعة ، مما رغب خديجة في أن تعرض عليه الأتجار بمالها في القافلة
التي تذهب إلى مدينة بصر كل عام على أن تعطية ضعف ما تعطي رجلاً من قومها ن
فلما عاد إلى مكة وأخبرها غلامها ميسرة بماكان من أمانته وإخلاصه ، ورأت
الربح الكثير في تلك الرحلة ، أضعفت له من الأجر ضعف ما كانت أسمت له ، ثم
حملها ذلك على أن ترغب في الزواج منه ، فقيل أن يتزوجها وهو أصغر منها
بخمسة عشر عاماً ، وأفضل شهادة له بحسن خلقه قبل النبوة قول خديجة له بعد
أن جاءه الوحي في غار حراء وعاد مرتعداً : كلا والله لا يخزنك الله أبداً ،
إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ( الضعيف ) ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ،
وتعين على نوائب الحق .
9- سافر مرتين خارج مكة ، أولاهما مع عمه
أبي طالب حين كان عمره اثنى سنة ، وثانيها حين كان عمره خمساً وعشرين سنة .
متاجراً لخديجة بمالها وكانت كلتا الرحلتين إلى مدينة ( بصرى ) في الشام ،
وفي كلتيهما كان يسمع من النجار أحاديهم ، ويشاهد آثار البلا التي مر بها
والعادات التي كان عليها سكانها .
10- حبب الله إليه عليه الصلاة
والسلام قبيل البعثة بسنوات أن يخرج إلى غار حراء ـ وهو جبل يقع في الجانب
الشمالي الغربي من مكة ، على قرب منها ـ يخلوا فيه لنفسه مقدار شهر ـ وكان
في شهر رمضان ـ ليفكر في آلاء الله ، وعظيم قدرته ، واستمر على ذلك حتى
جاءه الوحي ، ونزل عليه القرآن الكريم .
ب ـ الدروس والعظات
يستطيع الباحث أن يخرج من دراسة الوقائع السالفة بالدروس والنتائج التالية :
1-
أنه كلما كان الداعية إلى الله ، أو المصلح الاجتماعي في شرف من قومه ،
كان ذلك أدعى إلى استماع الناس له ، فإن من عادتهم أن يزدروا بالمصلحين
والدعاة إذا كانوا من بيئة مغمورة ، أو نشب وضيع ، فإذا جاءهم من لا ينكرون
شرف نسبه، ولا مكانة أسرته الاجتماعية بينهم ، لم يجدوا ما يقولونه عنه
إلا افتراءات يتحللون بها من الاستماع إلى دعوته، والإصغاء إلى كلامه ،
ولذلك كان أول ما سأل عنه هرقل أباسفيان بعد أن أرسل الرسول إلى هرقل
كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام هو وقومه : كيف نسبه فيكم ؟ فأجاب أبو سفيان
وهو يؤمذ على شركه:هو من أشرفنا نسباً ولما انتهى هرقل من أسئلته ، وسمع
جوابه عنها ، أخذ يشرح له سر الأسئلة التي توجه بها إليه حول محمد "رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له هرقل : سألتك كيف نسبه فيكم ؟ فزعمت أنه
من أشرافكم نسباً ، وكذلك لا يختار الله النبي إلا من كرام قومه ، وأوسطهم
نسباً .
صحيح أن الإسلام لا يقيم وزناً لشرف الأنساب تجاه الأعمال ،
ولكن هذا لا يمنع أن يكون الذي يجمع بين شرف النسب وشرف الفعل ، أكرم
وأعلى مكاناً وأقرب نجاحاً ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
" خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام اذا فقهوا ".
2- أن في
تحمل الداعية آلام اليتم أو العيش ، وهو في صغره ما يجعله أكثر إحساساً
بالمعاني الإنسانية النبيلة ، وأمتلا بالعواطف الرحيمة تحومل الي أن يكون
لديه رصيد كبير من العواطف الإنسانية النبيلة التي تجعله يشعر بآلام
الضعفاء والبائسين ، ولا يوفر له هذا الرصيد شيء ، مثل أن يعاني في حياته
بعض ما يعانية أولئك المستضعفون كاليتامى والفقراء والمساكين .
3-
كلما عاش الداعية في جو أقرب على الفطرة ، وأبعد عن الحياة المعقدة ، كان
ذلك أدعى إلى صفاء ذهنه ، وقوة عقله وجسمه ونفسه ، وسلامة منطقة وتفكير ،
ولذلك لم يختر الله العرب لأداء رسالة الإسلام صدفة ولا عبثاً ، بل لأنهم
كانوا بالنسبة إلى من يجاورهم من الأمم التمدنة أصفي نفوساً ، وأسلم
تفكيراً ، وأقوم أخلاقاً ، وأكثر احتمالاً لمكاره الحروب في سبيل دعوة الله
ونشر رسالته في أنحاء العالم .
4- لا يتأهل لمركز الدعوة وقيادتها
إلا الذكي النبيه ، فالأغبياء والمتوسطون في نجابتهم أبعد الناس عن جداره
القيادة الفكرية ، الإصلاحية . أو الروحية . بل إن من سنن الحياة أن يتمكن
من القيادة في أية ناحية من نواحي الحياة عن جدارة واستحقاق الأغبياء
والمضطربون في تفكيرهم . والشاذون في آرائهم ، وإذا وأتت الصدقة أو الظروف
واحداً من هؤلاء . فحملته إلى مركز القيادة . فسرعان ما يهوى إلى الحضيض
ويتخلى عنه قومه بعد تدلهم على غيارته ، أو شذوذه . أو أضطراب تفكيره .
5- ينبغي للداعية أن يعتمد في معيشته على جهده الشخصي أو مورد شريف لا استجداء فيه ، ولا ذلة ولا مهانة .
إن
الداعاة الصادقين الشرفاء يربؤون بأنفسهم أن يعيشوا من صدقات الناي
وأعطياتهم . وأية كرامة تكون لهم في نفوس قومهم بعد مكشوفاً ، بذل السؤال
والاستجداء ولو لم يكن صريحاً مكشوفاً ، بذل السؤال والاستجداء ولو لم يكن
صريحاً مكشوفاً ، فإذا وجدنا من يدعي الدعوة والإرشاد . وهو يستكثر من
أموال الناس بشتى أنواع الحبل . فإنا نجزم بمهانة نفسه في نفسه ، فكيف في
نفوس قومه وجيرانه . ومن أرتضى لنفسه المهانة ، فكيف يستطيع أن يدعو إلى
مكارم الأخلاق . ويقف في وجه الطغاة والمفسدين ، ويحارب الشر والفساد .
ويبعث في الأمة روح الكرامة والشرف والاستقامة؟
6- إن استقامة
الداعية في شبابه وحسن سيرته ، أدعى إلى نجاحه في دعوته إلى الله ، وإصلاح
الإخلاص ، ومحاربة المنكرات ، إذا لا يجد في الناس من يغمزه في سلوكه
الشخصي قبل قيامه بالدعوة ، وكثيراً ما رأينا أناساً قاموا بدعوة الإصلاح ،
وبخاصة إصلاح الأخلاق ، وكان من أكبر العوامل في إعراض الناس عنهم ما
يذكرونه لهم من ماض ملوث ، وخلق غير مستقيم ن بل إن هذا الماضي السيء يكون
مدعاة للشك في صدق مثل هؤلاء الدعاة ، بحيث يتهمون بالتستر وراء دعوة
الإصلاح لمآرب خاصة ، أو يتهمون بأنهم ما بدؤوا بالدعوة إلى الاصلاح إلا
بعد أن قضوا لبانتهم من ملذات الحياة وشهراتها ، وأصبحوا في وضع أم عمر لا
أمل لهم فيه بالاستمرار فيما كانوا يبلغون فيه من عرض أو مال أو شهرة أو
جاه .
أما الداعية المستقيم في شبابه ، فانه يظل أبداً رافع الرأس
ناصح الحبين ، لا يجد أعداء الإصلاح سبيلاً إلى غمزه بماض قريب أو بعيد ،
ولا يتخذون من هذا الماضي المنحرف تكأة للتشهير به ، ودعوة الناس إلى
الاستخفاف بشأنه.
نعم إن الله يقبل توبة التائب المقبل عليه بصدق وإخلاص
، ويمحو بحسناته الحاضرة سيآته المنصرمة ، ولكن هذا شيء غير الداعية الذي
ينتظر لدعوته النجاح إذا استقامت سيرته وحسنت سمعته .
7-إن تجارب
الداعية بالسفر ، ومعاشرة الجماهير ، والتعرف على عوائد الناس وأوضاعهم
ومشكلاتهم ، لما أثر كبير في نجاح دعوته ، فالذي يخالطون الناس في الكتب
والمقالات دون أن يختلطوا بهم على مختلف اتجاهاتهم ، قوم مخفقون في دعوة
الإصلاح ، لا يستمع الناس اليهم ، ولا تستجيب العقول لدعوتهم ، لما يرى
فيهم الناس من جهل بأوضاعهم ومشكلاتهم ، فمن أراد أن يصلح المتدينين ، عليه
أن يعيش معهم في مساجدهم ، ومجالسهم ، ومجتمعاتهم ، ومن أراد أن يصلح حال
العمال والفلاحين ، عليه أن يعيش معهم في قراهم ، ومصانعهم ، ويؤاكلهم في
بيوتهم ، ويتحدث اليهم في مجتمعاتهم ، ومن أراد أن يصلح المعاملات الجارية
بني الناس ، عليه أن يختلط بهم في أسواقهم ، ومتاجرهم ، ومصانعهم ،
وأنديتهم ، ومجالسهم، ومن أراد أن يصلح الأوضاع السياسية ، عليه أن يختلط
بالسياسيين ، ويتعرف إلى تنظيماتهم ، ويستمع لخطبهم ، ويقرا لهم برامجهم
وأحزابهم ، ثم يتعرف إلى البيئة التي يعيشون فيها ، والثقافة التي نهلوا من
معينها ، والاتجاه الذي يندفعون نحوه ، ليعرف كيف يخاطبهم بما لا تنفر منه
نفوسهم ، وكيف يسلك في إصلاحه معهم بما لا يدعوهم إلى محارته عن كره نفسي ،
واندفاع عاطفي.
وهكذا يجب أن يكون للداعية من تجاربه في الحياة ،
ومعرفته بشؤون الناس ، ما يمكنه من أن يحقق قول الله تعالى : " ادْعُ إِلَى
سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ " [ النحل : 125 ]
، وما أبدع القول المأثور : خاطبوا الناس على قدر عقولهم ، اتريدون أن
يكذب الله ورسوله ؟ .
8ـ يجب على الداعية إلى الله أن تكون له بين
الفينة والفينة أوقات يخلو فيها بنفسه ، تتصل فيها روحه بالله جل شأنه ،
وتصفو فيها نفسه من كدورات الأخلاق الذميمة ، والحياة المضطربة من حول ،
ومثل هذا الخلوات تدعوه إلى محاسبة نفسه أن قصرت في خير ،، أو زلت في اتجاه
، أو جانبت سبيل الحكمة ، أو أخطأت في سبيل ومنهج أو طريق ، أو أن غمست مع
الناس في الجدال والنقاش حتى أنسته تذكر الله والأنس به وتذكر الآخرة ن
وجنتها ونارها ، والموت وغصصه وآلامة ، ولذلك كان وتذكر التهجد وقيام الليل
فرضاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم مستحياً في حق غيره ، وأحق الناس
بالحرص على هذه النافلة هم الدعاة إلى الله وشريعته وجنته ، وللخلوة
والتهجد والقيام لله بالعبودية في أعقاب الليل لذة لا يدركها إلا من أكرمه
الله بها ، وقد كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يقول في اعقاب تهجده وعبادته
: نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها .
وحسبنا قول الله تبارك
وتعالى مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحياً ( يَا أَيُّهَا
المُزَّمِّلُ ، قُمِ الّليلَ إِلا قَلِيلأ نِصْفَهُ أَو انقُصْ مِنْهُ
قَلِيلاً ، أَو زِدْ عَلَيهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً ، إِنَّا
سَنُلْقِي عَلَيكَ قَولا ثَقِيلاً ، إِنَّ نَاشِئَةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ
وَطْأًً وَأَقْوَمُ قِيلا ) [ المزمل 1ـ7] .
المصدر: موقع سيرة النبوية.
آ ـ الوقائع التاريخية
تدلنا الأخبار الثابتة عن حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة على الحقائق التالية :
1-
أنه ولد في أشرف بيت في بيوت العرب ، فهو من أشراف فروع قريش ، وهم بنو
هاشم ، وقريش أشرف قبيلة في العرب ، وأزكاها نسباً ، وأعلاها مكانة ، وقد
روى عن العباس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
إن الله خلق الخلق ، فجعلني من خيرهم من خير فرقهم ، وخير الفريقين . ثم
تخير القبائل ، فجلني من خير قبيلة ، ثم تخير البيوت ، فجعلني من خير
بيوتهم ، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً " .
ولمكانة هذا النسب
الكريم في قريش لم نجدها فيما طعنت به على النبي صلى الله عليه وسلم لاتضاح
نسبة بينهم ، ولقد طعنت فيه بأشياء كثيرة مفتراة إلا هذا الأمر .
2-
أنه نشأ يتيماً ، فقد مات أبو ه عبدالله وأمه حامل به لشهرين فحسب ، ولما
أصبح له من العمر ستى سنوات ماتت أمه آمنة فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره
مرارة الحرمان من عطف الأبوية وحنائهما ، وقد كفله بعد ذلك عمه أبو طالب
حتى نشأ واشتد ساعده ، وإلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله : ( أَلَمْ
يَجْدْكَ يَتِمَياً فَآوى )[ الضحى : 6] .
3- أمضى رسول الله صلى
الله عليه وسلم السنوات الأربع الأولى من طفولته في الصحراء في بني سعد ،
فنشأ قوي البنية ، سليم الجسم ، فصيح اللسان ، جري الجنان ، يحسن ركوب
الخيل على صغر سنة قد تفتحت مواهبه على صفاء الصحراء وهدوئها ، وإشراف
شمسها ونقاوة هوائها .
4- كانت تعرف فيه النجابة من صغره ، وتلوح
على محياه مخابل الذكاء الذي يحببه إلى كل من رآه ن فكان إذا أتى الرسول
وهو غلام جلس على فراش جده ، وكان إذا جلس عليه لا يجلس معه على الفراش أحد
من أولاده ( أعمام الرسول ) ، فيحاول أعمامه انتزاعه عن الفراش ، فيقول
لهم عبد المطلب : دعوا بني ، فوالله إن لشأناً.
5- أنه عليه الصلاة
والسلام كان يرعى في أوائل شبابه لأهل مكة أغناهم بقراريط يأخذها أجراً على
ذلك ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : "ما من نبي إلاقد رعى
الغنم " قالوا : وأنت يا رسول الله " قال " وأنا " وفي رواية أخرى أنها قال
: " ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم " فقال له أصحابه : وأنت يارسول الله
؟ فأجاب : " وأنا رعيتها لأهل مكة على قراريط " ثم لما بلغ من عمره خمساً
وعشرين ، عمل لخديجة بنت خويلد في التجارة بمالها على أجر تؤديه إليه .
6-
لم يشارك عليه الصلاة والسلام أقرانه من شباب مكة في لهوهم ولا عبثهم ،
وقد عصمه الله من ذلك ، فقد استفاض في كتب السيرة أنه سمع وهو في سن الشباب
غناء من إحدى دور مكة في حفلة عرس ، فأراد أنه يشهدها ، فألقى الله عليه
النور ، فما أيقظه إلا حر الشمس ، ولم يشارك قومه في عبادة الأوثان ، ولا
أكل شيئاً مما ذبح لها ، ولم يشرب خمراً ، ولا لعب قماراً ، ولا عرف عنه
فحش في القول ، أول هجر في الكلام .
7- وعرف عنه منذ إدراكه رجحان
العقل ، ولصالة الرأي وفي حادثة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة دليل
واضح على هذا ، هدمها وتجديد بنائها ، وفعلوا ، فلما وصلوا إلى مكان الحجر
الأسود فيما أختلفوا أختلافاً شديداً فيمن يكون له شرف وضع الحجر الأسود في
مكانه ، وأرادت كل قبيلة أن يكون لها هذا الشرف ، وأشتد النزاع حتى
تواعدوا للقتال ، ثم ارتضوا أن يحكم بينهم أول داخل من باب بني شيبة ، فكان
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين ، رضينا
بحكمه ، فلما أخبر بذلك ، حل المشكلة بما رضي عنه جميع المتنازعين ، فقد
بسط رداءه ، ثم أخذ الحجر فوضعها فيه ، ثم أمرهم أن يأخذ كل قبيلة بطرف من
الرداء ، فلما رفعوه ، وبلغ الحج موضعه ، أخذه ووضعها بيده ، فرضوا جميعاً ،
وصان الله بوفور عقله وحكمته دماء العرب من أن تسفك إلى مدى لا يعلمه إلا
الله .
8- عرف عليه الصلاة والسلام في شبابه بين قومه بالصادق
الأمين، وأشتهر بينهم بحسن المعاملة ، والوفاء بالوعد ، واستقامه السيرة ،
وحسن السمعة ، مما رغب خديجة في أن تعرض عليه الأتجار بمالها في القافلة
التي تذهب إلى مدينة بصر كل عام على أن تعطية ضعف ما تعطي رجلاً من قومها ن
فلما عاد إلى مكة وأخبرها غلامها ميسرة بماكان من أمانته وإخلاصه ، ورأت
الربح الكثير في تلك الرحلة ، أضعفت له من الأجر ضعف ما كانت أسمت له ، ثم
حملها ذلك على أن ترغب في الزواج منه ، فقيل أن يتزوجها وهو أصغر منها
بخمسة عشر عاماً ، وأفضل شهادة له بحسن خلقه قبل النبوة قول خديجة له بعد
أن جاءه الوحي في غار حراء وعاد مرتعداً : كلا والله لا يخزنك الله أبداً ،
إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ( الضعيف ) ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ،
وتعين على نوائب الحق .
9- سافر مرتين خارج مكة ، أولاهما مع عمه
أبي طالب حين كان عمره اثنى سنة ، وثانيها حين كان عمره خمساً وعشرين سنة .
متاجراً لخديجة بمالها وكانت كلتا الرحلتين إلى مدينة ( بصرى ) في الشام ،
وفي كلتيهما كان يسمع من النجار أحاديهم ، ويشاهد آثار البلا التي مر بها
والعادات التي كان عليها سكانها .
10- حبب الله إليه عليه الصلاة
والسلام قبيل البعثة بسنوات أن يخرج إلى غار حراء ـ وهو جبل يقع في الجانب
الشمالي الغربي من مكة ، على قرب منها ـ يخلوا فيه لنفسه مقدار شهر ـ وكان
في شهر رمضان ـ ليفكر في آلاء الله ، وعظيم قدرته ، واستمر على ذلك حتى
جاءه الوحي ، ونزل عليه القرآن الكريم .
ب ـ الدروس والعظات
يستطيع الباحث أن يخرج من دراسة الوقائع السالفة بالدروس والنتائج التالية :
1-
أنه كلما كان الداعية إلى الله ، أو المصلح الاجتماعي في شرف من قومه ،
كان ذلك أدعى إلى استماع الناس له ، فإن من عادتهم أن يزدروا بالمصلحين
والدعاة إذا كانوا من بيئة مغمورة ، أو نشب وضيع ، فإذا جاءهم من لا ينكرون
شرف نسبه، ولا مكانة أسرته الاجتماعية بينهم ، لم يجدوا ما يقولونه عنه
إلا افتراءات يتحللون بها من الاستماع إلى دعوته، والإصغاء إلى كلامه ،
ولذلك كان أول ما سأل عنه هرقل أباسفيان بعد أن أرسل الرسول إلى هرقل
كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام هو وقومه : كيف نسبه فيكم ؟ فأجاب أبو سفيان
وهو يؤمذ على شركه:هو من أشرفنا نسباً ولما انتهى هرقل من أسئلته ، وسمع
جوابه عنها ، أخذ يشرح له سر الأسئلة التي توجه بها إليه حول محمد "رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له هرقل : سألتك كيف نسبه فيكم ؟ فزعمت أنه
من أشرافكم نسباً ، وكذلك لا يختار الله النبي إلا من كرام قومه ، وأوسطهم
نسباً .
صحيح أن الإسلام لا يقيم وزناً لشرف الأنساب تجاه الأعمال ،
ولكن هذا لا يمنع أن يكون الذي يجمع بين شرف النسب وشرف الفعل ، أكرم
وأعلى مكاناً وأقرب نجاحاً ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
" خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام اذا فقهوا ".
2- أن في
تحمل الداعية آلام اليتم أو العيش ، وهو في صغره ما يجعله أكثر إحساساً
بالمعاني الإنسانية النبيلة ، وأمتلا بالعواطف الرحيمة تحومل الي أن يكون
لديه رصيد كبير من العواطف الإنسانية النبيلة التي تجعله يشعر بآلام
الضعفاء والبائسين ، ولا يوفر له هذا الرصيد شيء ، مثل أن يعاني في حياته
بعض ما يعانية أولئك المستضعفون كاليتامى والفقراء والمساكين .
3-
كلما عاش الداعية في جو أقرب على الفطرة ، وأبعد عن الحياة المعقدة ، كان
ذلك أدعى إلى صفاء ذهنه ، وقوة عقله وجسمه ونفسه ، وسلامة منطقة وتفكير ،
ولذلك لم يختر الله العرب لأداء رسالة الإسلام صدفة ولا عبثاً ، بل لأنهم
كانوا بالنسبة إلى من يجاورهم من الأمم التمدنة أصفي نفوساً ، وأسلم
تفكيراً ، وأقوم أخلاقاً ، وأكثر احتمالاً لمكاره الحروب في سبيل دعوة الله
ونشر رسالته في أنحاء العالم .
4- لا يتأهل لمركز الدعوة وقيادتها
إلا الذكي النبيه ، فالأغبياء والمتوسطون في نجابتهم أبعد الناس عن جداره
القيادة الفكرية ، الإصلاحية . أو الروحية . بل إن من سنن الحياة أن يتمكن
من القيادة في أية ناحية من نواحي الحياة عن جدارة واستحقاق الأغبياء
والمضطربون في تفكيرهم . والشاذون في آرائهم ، وإذا وأتت الصدقة أو الظروف
واحداً من هؤلاء . فحملته إلى مركز القيادة . فسرعان ما يهوى إلى الحضيض
ويتخلى عنه قومه بعد تدلهم على غيارته ، أو شذوذه . أو أضطراب تفكيره .
5- ينبغي للداعية أن يعتمد في معيشته على جهده الشخصي أو مورد شريف لا استجداء فيه ، ولا ذلة ولا مهانة .
إن
الداعاة الصادقين الشرفاء يربؤون بأنفسهم أن يعيشوا من صدقات الناي
وأعطياتهم . وأية كرامة تكون لهم في نفوس قومهم بعد مكشوفاً ، بذل السؤال
والاستجداء ولو لم يكن صريحاً مكشوفاً ، بذل السؤال والاستجداء ولو لم يكن
صريحاً مكشوفاً ، فإذا وجدنا من يدعي الدعوة والإرشاد . وهو يستكثر من
أموال الناس بشتى أنواع الحبل . فإنا نجزم بمهانة نفسه في نفسه ، فكيف في
نفوس قومه وجيرانه . ومن أرتضى لنفسه المهانة ، فكيف يستطيع أن يدعو إلى
مكارم الأخلاق . ويقف في وجه الطغاة والمفسدين ، ويحارب الشر والفساد .
ويبعث في الأمة روح الكرامة والشرف والاستقامة؟
6- إن استقامة
الداعية في شبابه وحسن سيرته ، أدعى إلى نجاحه في دعوته إلى الله ، وإصلاح
الإخلاص ، ومحاربة المنكرات ، إذا لا يجد في الناس من يغمزه في سلوكه
الشخصي قبل قيامه بالدعوة ، وكثيراً ما رأينا أناساً قاموا بدعوة الإصلاح ،
وبخاصة إصلاح الأخلاق ، وكان من أكبر العوامل في إعراض الناس عنهم ما
يذكرونه لهم من ماض ملوث ، وخلق غير مستقيم ن بل إن هذا الماضي السيء يكون
مدعاة للشك في صدق مثل هؤلاء الدعاة ، بحيث يتهمون بالتستر وراء دعوة
الإصلاح لمآرب خاصة ، أو يتهمون بأنهم ما بدؤوا بالدعوة إلى الاصلاح إلا
بعد أن قضوا لبانتهم من ملذات الحياة وشهراتها ، وأصبحوا في وضع أم عمر لا
أمل لهم فيه بالاستمرار فيما كانوا يبلغون فيه من عرض أو مال أو شهرة أو
جاه .
أما الداعية المستقيم في شبابه ، فانه يظل أبداً رافع الرأس
ناصح الحبين ، لا يجد أعداء الإصلاح سبيلاً إلى غمزه بماض قريب أو بعيد ،
ولا يتخذون من هذا الماضي المنحرف تكأة للتشهير به ، ودعوة الناس إلى
الاستخفاف بشأنه.
نعم إن الله يقبل توبة التائب المقبل عليه بصدق وإخلاص
، ويمحو بحسناته الحاضرة سيآته المنصرمة ، ولكن هذا شيء غير الداعية الذي
ينتظر لدعوته النجاح إذا استقامت سيرته وحسنت سمعته .
7-إن تجارب
الداعية بالسفر ، ومعاشرة الجماهير ، والتعرف على عوائد الناس وأوضاعهم
ومشكلاتهم ، لما أثر كبير في نجاح دعوته ، فالذي يخالطون الناس في الكتب
والمقالات دون أن يختلطوا بهم على مختلف اتجاهاتهم ، قوم مخفقون في دعوة
الإصلاح ، لا يستمع الناس اليهم ، ولا تستجيب العقول لدعوتهم ، لما يرى
فيهم الناس من جهل بأوضاعهم ومشكلاتهم ، فمن أراد أن يصلح المتدينين ، عليه
أن يعيش معهم في مساجدهم ، ومجالسهم ، ومجتمعاتهم ، ومن أراد أن يصلح حال
العمال والفلاحين ، عليه أن يعيش معهم في قراهم ، ومصانعهم ، ويؤاكلهم في
بيوتهم ، ويتحدث اليهم في مجتمعاتهم ، ومن أراد أن يصلح المعاملات الجارية
بني الناس ، عليه أن يختلط بهم في أسواقهم ، ومتاجرهم ، ومصانعهم ،
وأنديتهم ، ومجالسهم، ومن أراد أن يصلح الأوضاع السياسية ، عليه أن يختلط
بالسياسيين ، ويتعرف إلى تنظيماتهم ، ويستمع لخطبهم ، ويقرا لهم برامجهم
وأحزابهم ، ثم يتعرف إلى البيئة التي يعيشون فيها ، والثقافة التي نهلوا من
معينها ، والاتجاه الذي يندفعون نحوه ، ليعرف كيف يخاطبهم بما لا تنفر منه
نفوسهم ، وكيف يسلك في إصلاحه معهم بما لا يدعوهم إلى محارته عن كره نفسي ،
واندفاع عاطفي.
وهكذا يجب أن يكون للداعية من تجاربه في الحياة ،
ومعرفته بشؤون الناس ، ما يمكنه من أن يحقق قول الله تعالى : " ادْعُ إِلَى
سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ " [ النحل : 125 ]
، وما أبدع القول المأثور : خاطبوا الناس على قدر عقولهم ، اتريدون أن
يكذب الله ورسوله ؟ .
8ـ يجب على الداعية إلى الله أن تكون له بين
الفينة والفينة أوقات يخلو فيها بنفسه ، تتصل فيها روحه بالله جل شأنه ،
وتصفو فيها نفسه من كدورات الأخلاق الذميمة ، والحياة المضطربة من حول ،
ومثل هذا الخلوات تدعوه إلى محاسبة نفسه أن قصرت في خير ،، أو زلت في اتجاه
، أو جانبت سبيل الحكمة ، أو أخطأت في سبيل ومنهج أو طريق ، أو أن غمست مع
الناس في الجدال والنقاش حتى أنسته تذكر الله والأنس به وتذكر الآخرة ن
وجنتها ونارها ، والموت وغصصه وآلامة ، ولذلك كان وتذكر التهجد وقيام الليل
فرضاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم مستحياً في حق غيره ، وأحق الناس
بالحرص على هذه النافلة هم الدعاة إلى الله وشريعته وجنته ، وللخلوة
والتهجد والقيام لله بالعبودية في أعقاب الليل لذة لا يدركها إلا من أكرمه
الله بها ، وقد كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يقول في اعقاب تهجده وعبادته
: نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها .
وحسبنا قول الله تبارك
وتعالى مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحياً ( يَا أَيُّهَا
المُزَّمِّلُ ، قُمِ الّليلَ إِلا قَلِيلأ نِصْفَهُ أَو انقُصْ مِنْهُ
قَلِيلاً ، أَو زِدْ عَلَيهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً ، إِنَّا
سَنُلْقِي عَلَيكَ قَولا ثَقِيلاً ، إِنَّ نَاشِئَةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ
وَطْأًً وَأَقْوَمُ قِيلا ) [ المزمل 1ـ7] .
المصدر: موقع سيرة النبوية.
رد: دروس وعبر من حياة الرسول قبل البعثة
مشششكور يعيطك العافية
Sifou- ღ عضو ღ v I p
- الْعُمْر : 30
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 4649
بلدي :
الْنِّقَاط : 20559
السٌّمعَة : 0
مواضيع مماثلة
» في المستشفى قصص وعبر ........
» عظات وعبر من زلزال اليابان
» قصص وعبر ابطالها رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
» يوم في حياة صائم
» قصة حياة جون سينا
» عظات وعبر من زلزال اليابان
» قصص وعبر ابطالها رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
» يوم في حياة صائم
» قصة حياة جون سينا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى