أبو عبيدة بن الجراح
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أبو عبيدة بن الجراح
+
----
-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا ، وانْفعنا بِما علَّمتنا ، وزِدْنا عِلما ، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه ، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه ، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه ، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الأكارم ؛ مع الدرس السابع من دروس السيرة ؛ سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، وسيرة أصْحابه الكِرام رِضْوان الله تعالى عليهم أجمعين ، وصحابيُّ اليوم أبو عُبَيْدة عامر بن الجراح ، هذا الصحابي الجليل قال في حقِّه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ *
[رواه البخاري عَنْ أَنَسٍ ]
أيها الإخوة ؛ قبل أن أنطلق في الحديث عن حياته ومواقفه وعن بطولاته ومكانته الرفيعة التي أكرمه الله بها ، أريد أنْ أنقل إليكم شُعوراً انْتابني وأنا أُطالعُ سيرة هذا الصحابيِّ الجليل قبل قُدومي إليكم ؛ لَفَتَ نظري أنَّ هؤلاء الصحابة قاسَوا شدائد الحياة ؛ فطعامُهُم ولِباسُهم خَشِنٌ ، حياتهم كلُّها متاعب وغزوات وقِتال ودِفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، وفي تَصَوُّري وأنا موقِنٌ بِهذا التصَوُّر أنهم كانوا أسعد الناس ، تشعر أنّ أحدهم يكادُ يمْتلئُ سعادةً وشُعوراً بأنه إنْسانٌ كريمٌ على الله ، وفجأةً قفَزَتْ إلى نفْسي صُورة إنسانٍ مُعاصِر عاش حياة الدَّعة والرخاء ، ويأكل أفضل الطعام ، ويسكُنُ في أفْخَرِ منزل ؛ تَكْييف وتدفئة مركزيَّة ، الغُرَفُ الواسِعة والتزْيينات ، كُلُّ شيءٍ جميل حوله ، وشَعَرت أنَّ مثل حياة الإنسان المُعاصِر الذي خلَتْ حياتُه من البُطولة ، ومن أيِّ تضْحِيَة ، ومن أيِّ إيثارٍ ، ومن حُبٍّ لله ورسوله ، ومن رِسالةٍ يحْمِلُها ، ودَعْوةٍ يدْعو إليها ، ومن عملٍ صالحٍ يُقَدِّمُه ، ومن قلْبٍ ينْبِضُ بِالرحمة ، إنْسانٌ خَلَتْ حياته من هذه المشاعر ، وتِلك المُهِمات المُقدَّسة ، وهذه الأهداف السامِيَّة ، مثل هذا الإنسان يشْعر بِتَفاهَتِهِ وهوانِهِ على الناس ، ولو عاش في أعلى درجات النعيم ، صحابِيٌّ جليل حياته كلُّها متاعب يقود جُيوشاً قِيادةً لا أرْوَع ولا أعظم منها ، يدْخُلُ عليه الخليفة عمر بن الخطاب فإذا غُرْفَتُه فيها قِدْر ماء ، وجِلْدٌ قد ذهب ريشُهُ ، ورَغيفُ خُبْزٍ قد غطى به قِدْر الماء ، وسَيْفٌ مُعَلَّقٌ على الحائِط ، سيِّدُنا عمر الزاهد المُتَقَشِّف فوجئ ؛ أهذه غُرْفَة أمين الأُمّة وقائد الجيش ؟! قال له : ما هذا يا أبا عُبيدة ؟! قال : هو للدنيا ، وهو على الدنيا كثير ، ألا يُبَلِّغُنا المقيل ، شَعَرْتُ بِأحاسيس أردْتُ أنْ أُعَبِّرَها لكم ، كلُّ الدنيا لو كانت بِيَد الإنسان – وتعْلمون ما معنى هذه الكلمة – الدنيا بِأموالها وبُيوتِها ومُتَنَزَّهاتِها وقُصورِها ومرْكَباتِها وطائِراتها ويُخوتِها ونِسائِها ؛ كُلُّ ما لذَّ وطاب ، لا تسْتطيعُ الدنيا بِأكْمَلِها أنْ تمْنح الإنسان سعادةً ، وهؤلاء الصحابة الذين عاشوا حياةً مملوءةً بالشَّقاء فيما يبْدو ؛ هِجْرةٌ اقتلعت الإنسانَ من جذوره ، لقد هاجَرَ أبو عبيدة إلى الحَبَشَة وإلى المدينة ، وشَهِد كلّ المشاهد ، وكان أكبر مُدافِعٍ عن رسول الله حتى إنه نزع حلَقَةً غُرِسَتْ في وَجْنة النبي عليه الصلاة والسلام بِأسْنانه ، فنزع الحلقة الأولى بِفَمِه فانْكسرت سِنُّهُ الأمامية ، ونزع الحلقة الثانِيَة بِفَمِه فانكسرت سِنُّهُ الأخرى فصار أهتمَ ، ومات بالطاعون ، وهو أمين هذه الأمة ، شَعَرْتُ أنَّ الله عز وجل إذا تجلى على قلب المؤمن بالرحمة أسْعَدَهُ سعادَةً لا توصَفُ ، لا تستطيعُ الدنيا بِأَكْملها إذا كانت بِيَد إنْسان أنْ تمْنحه هذه السعادة ، أقول هذا الكلام أيها الإخوة لكم ولِنَفْسي ، أبواب الجنَّة والبُطولة مُفَتَّحَةٌ وهم لا يزالون في الدنيا ، وأبواب الإقبال على الله مُفَتَّحَةٌ لهم في الدنيا ، فما هؤلاء الرجال ؟! واللهِ إنْ كانوا بشَرًا فَنَحْنُ لسْنا من بني البشر ، وإنْ كُنا بشَرٌ فهم فوق البشر ، هم مُلوك الدار الآخرة ، وما هذا الحُبّ الذي في جوانِحِهم ؟ وما هذا الشوْقُ الذي تنْبضُ بِه قُلوبهم ، كلما قرأتَ تاريخ هذا الصحابي مهما تعدَّدَت مرَّات القراءة تشْعُر أنَّك تَقِفُ أمام إنْسانٍ عظيم ، من أيِّ جامِعَةٍ تَخَرَّج ؟! هل يحْمِلُ دُكْتوراه ؟ كم كِتابًا قرأ ؟ فإذا اتَّصل الإنسانُ بالله أصْبح شيئاً آخر ، يُمْكن أنْ يُلْغى عنده مع الاتِّصال بالله كلُّ شيء ، أرجو الله جلّ جلاله أنْ يُمَكِّنَني من نقْل صورة صادِقَةٍ مُشْرِقَةٍ عن هذا الصحابيّ الجليل الذي هو أبو عُبَيْدة بن الجراح .
قالوا في صفته : كان وضيء الوجه ، بَهِيَّ الطلْعَة ، نحيل الجِسْم ، طويل القامة ، خفيف العارِضَيْن ، ترْتاحُ العَيْنُ لِمَرْآه ، وتأنَسُ النفْسُ بِلُقْياه ، ويطْمَئِنّ الفؤاد إليه ، وكان رقيق الحاشِيَة جمَّ التواضع ، شديد الحياء لكنه ، كان إذا حزب الأمر ، وجدَّ الجِدّ يغْدو كاللّيْث يعْدو ، لا يلْوي على شيء ، رِقَّةٌ ما بعدها رِقَّة ، وبهاءٌ ما بعده بهاء ، إشْراقُ وجْهٍ ما بعده إشْراق ، فإذا جدّ الجِدّ فَهُو كالليْث .
التوقيع
>
----
-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا ، وانْفعنا بِما علَّمتنا ، وزِدْنا عِلما ، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه ، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه ، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه ، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الأكارم ؛ مع الدرس السابع من دروس السيرة ؛ سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، وسيرة أصْحابه الكِرام رِضْوان الله تعالى عليهم أجمعين ، وصحابيُّ اليوم أبو عُبَيْدة عامر بن الجراح ، هذا الصحابي الجليل قال في حقِّه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ *
[رواه البخاري عَنْ أَنَسٍ ]
أيها الإخوة ؛ قبل أن أنطلق في الحديث عن حياته ومواقفه وعن بطولاته ومكانته الرفيعة التي أكرمه الله بها ، أريد أنْ أنقل إليكم شُعوراً انْتابني وأنا أُطالعُ سيرة هذا الصحابيِّ الجليل قبل قُدومي إليكم ؛ لَفَتَ نظري أنَّ هؤلاء الصحابة قاسَوا شدائد الحياة ؛ فطعامُهُم ولِباسُهم خَشِنٌ ، حياتهم كلُّها متاعب وغزوات وقِتال ودِفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، وفي تَصَوُّري وأنا موقِنٌ بِهذا التصَوُّر أنهم كانوا أسعد الناس ، تشعر أنّ أحدهم يكادُ يمْتلئُ سعادةً وشُعوراً بأنه إنْسانٌ كريمٌ على الله ، وفجأةً قفَزَتْ إلى نفْسي صُورة إنسانٍ مُعاصِر عاش حياة الدَّعة والرخاء ، ويأكل أفضل الطعام ، ويسكُنُ في أفْخَرِ منزل ؛ تَكْييف وتدفئة مركزيَّة ، الغُرَفُ الواسِعة والتزْيينات ، كُلُّ شيءٍ جميل حوله ، وشَعَرت أنَّ مثل حياة الإنسان المُعاصِر الذي خلَتْ حياتُه من البُطولة ، ومن أيِّ تضْحِيَة ، ومن أيِّ إيثارٍ ، ومن حُبٍّ لله ورسوله ، ومن رِسالةٍ يحْمِلُها ، ودَعْوةٍ يدْعو إليها ، ومن عملٍ صالحٍ يُقَدِّمُه ، ومن قلْبٍ ينْبِضُ بِالرحمة ، إنْسانٌ خَلَتْ حياته من هذه المشاعر ، وتِلك المُهِمات المُقدَّسة ، وهذه الأهداف السامِيَّة ، مثل هذا الإنسان يشْعر بِتَفاهَتِهِ وهوانِهِ على الناس ، ولو عاش في أعلى درجات النعيم ، صحابِيٌّ جليل حياته كلُّها متاعب يقود جُيوشاً قِيادةً لا أرْوَع ولا أعظم منها ، يدْخُلُ عليه الخليفة عمر بن الخطاب فإذا غُرْفَتُه فيها قِدْر ماء ، وجِلْدٌ قد ذهب ريشُهُ ، ورَغيفُ خُبْزٍ قد غطى به قِدْر الماء ، وسَيْفٌ مُعَلَّقٌ على الحائِط ، سيِّدُنا عمر الزاهد المُتَقَشِّف فوجئ ؛ أهذه غُرْفَة أمين الأُمّة وقائد الجيش ؟! قال له : ما هذا يا أبا عُبيدة ؟! قال : هو للدنيا ، وهو على الدنيا كثير ، ألا يُبَلِّغُنا المقيل ، شَعَرْتُ بِأحاسيس أردْتُ أنْ أُعَبِّرَها لكم ، كلُّ الدنيا لو كانت بِيَد الإنسان – وتعْلمون ما معنى هذه الكلمة – الدنيا بِأموالها وبُيوتِها ومُتَنَزَّهاتِها وقُصورِها ومرْكَباتِها وطائِراتها ويُخوتِها ونِسائِها ؛ كُلُّ ما لذَّ وطاب ، لا تسْتطيعُ الدنيا بِأكْمَلِها أنْ تمْنح الإنسان سعادةً ، وهؤلاء الصحابة الذين عاشوا حياةً مملوءةً بالشَّقاء فيما يبْدو ؛ هِجْرةٌ اقتلعت الإنسانَ من جذوره ، لقد هاجَرَ أبو عبيدة إلى الحَبَشَة وإلى المدينة ، وشَهِد كلّ المشاهد ، وكان أكبر مُدافِعٍ عن رسول الله حتى إنه نزع حلَقَةً غُرِسَتْ في وَجْنة النبي عليه الصلاة والسلام بِأسْنانه ، فنزع الحلقة الأولى بِفَمِه فانْكسرت سِنُّهُ الأمامية ، ونزع الحلقة الثانِيَة بِفَمِه فانكسرت سِنُّهُ الأخرى فصار أهتمَ ، ومات بالطاعون ، وهو أمين هذه الأمة ، شَعَرْتُ أنَّ الله عز وجل إذا تجلى على قلب المؤمن بالرحمة أسْعَدَهُ سعادَةً لا توصَفُ ، لا تستطيعُ الدنيا بِأَكْملها إذا كانت بِيَد إنْسان أنْ تمْنحه هذه السعادة ، أقول هذا الكلام أيها الإخوة لكم ولِنَفْسي ، أبواب الجنَّة والبُطولة مُفَتَّحَةٌ وهم لا يزالون في الدنيا ، وأبواب الإقبال على الله مُفَتَّحَةٌ لهم في الدنيا ، فما هؤلاء الرجال ؟! واللهِ إنْ كانوا بشَرًا فَنَحْنُ لسْنا من بني البشر ، وإنْ كُنا بشَرٌ فهم فوق البشر ، هم مُلوك الدار الآخرة ، وما هذا الحُبّ الذي في جوانِحِهم ؟ وما هذا الشوْقُ الذي تنْبضُ بِه قُلوبهم ، كلما قرأتَ تاريخ هذا الصحابي مهما تعدَّدَت مرَّات القراءة تشْعُر أنَّك تَقِفُ أمام إنْسانٍ عظيم ، من أيِّ جامِعَةٍ تَخَرَّج ؟! هل يحْمِلُ دُكْتوراه ؟ كم كِتابًا قرأ ؟ فإذا اتَّصل الإنسانُ بالله أصْبح شيئاً آخر ، يُمْكن أنْ يُلْغى عنده مع الاتِّصال بالله كلُّ شيء ، أرجو الله جلّ جلاله أنْ يُمَكِّنَني من نقْل صورة صادِقَةٍ مُشْرِقَةٍ عن هذا الصحابيّ الجليل الذي هو أبو عُبَيْدة بن الجراح .
قالوا في صفته : كان وضيء الوجه ، بَهِيَّ الطلْعَة ، نحيل الجِسْم ، طويل القامة ، خفيف العارِضَيْن ، ترْتاحُ العَيْنُ لِمَرْآه ، وتأنَسُ النفْسُ بِلُقْياه ، ويطْمَئِنّ الفؤاد إليه ، وكان رقيق الحاشِيَة جمَّ التواضع ، شديد الحياء لكنه ، كان إذا حزب الأمر ، وجدَّ الجِدّ يغْدو كاللّيْث يعْدو ، لا يلْوي على شيء ، رِقَّةٌ ما بعدها رِقَّة ، وبهاءٌ ما بعده بهاء ، إشْراقُ وجْهٍ ما بعده إشْراق ، فإذا جدّ الجِدّ فَهُو كالليْث .
التوقيع
>
رد: أبو عبيدة بن الجراح
مششششكور
Design-sasuke- ღ عضو ღ v I p
- الْعُمْر : 32
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 8432
بلدي :
الْنِّقَاط : 29435
السٌّمعَة : 0
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى