حال الإنسان عند حلول المصيبة
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حال الإنسان عند حلول المصيبة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن العبد في هذه الدنيا معرض لصنوف من البلاء، والاختبار، وما ذلك إلاليعلم الله ـ تعالى ـ من العبد صبره ورضاه؛ وحسن قبوله لحكم الله وأمره،قال الله تعالى:{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْأَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }(1).
والإنسان عندما يصاب بمصيبة، فإن له أحوالاً في تقبل تلك المصيبة، إمابالعجز والجزع، وإما بالصبر وحبس النفس عن الجزع، وإما بالرضا، وإمابالشكر.
قال ابن القيم (ت751هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والمصائب التي تحل بالعبد، وليس له حيلة في دفعها، كموت من يعزُّ عليه، وسرقة ماله، ومرضه، ونحو ذلك، فإن للعبد فيها أربع مقامات:
أحدها: مقام العجز، وهو مقام الجزع والشكوى والسخط، وهذا ما لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً وديناً ومروءة.
المقام الثاني: مقام الصبر إما لله، وإما للمروءة الإنسانية.
المقام الثالث: مقام الرضى وهو أعلى من مقام الصبر، وفي وجوبه نزاع، والصبر متفق على وجوبه.
المقام الرابع: مقام الشكر، وهو أعلى من مقام الرضى؛ فإنه يشهدُ البليةَ نعمة، فيشكر المُبْتَلي عليها)(2).
وقد علق على هذه المقامات الأربع الشيخ محمد بن عثيمين(3) ـ رحمه الله تعالى ـ فقال: للإنسان عند حلول المصيبة له أربع حالات:
الحال الأول: أن يتسخط.
الحال الثاني: أن يصبر.
الحال الثالث: أن يرضى.
الحال الرابع : أن يشكر.
هذه أربع حالات للإنسان عندما يصاب بالمصيبة:
أما الحال الأول: أن يتسخط إما بقلبه أو بلسانه أو بجوارحه.
ـفتسخط القلب أن يكون في قلبه شيء على ربه عز وجل من السُّخط والشره علىالله ـ تعالى ـ والعياذ بالله وما أشبهه، ويشعر وكأن الله قد ظلمه بهذهالمصيبة.
ـ وأما باللسان فأن يدعو بالويل والثبور، يا ويلاه! يا ثبوراه! وأن يسب الدهر فيؤذي الله عز وجل وما أشبهه.
ـ وأما التسخط بالجوارح مثل: أن يلطم خده، أو يصفع رأسه، أو ينتف شعره، أو يشق ثوبه، وما أشبهه ذلك.
هذا حال السخط حال الهلعين الذين حرموا من الثواب، ولم ينجوا من المصيبةبل الذين اكتسبوا الإثم؛ فصار عندهم مصيبتان: مصيبة في الدين بالسخط،ومصيبة في الدنيا لما أتاهم ممَّا يؤلمهم.
أما الحال الثانية: فالصبر على المصيبة بأن يحبس نفسه؛ هو يكره المصيبةولا يحبها، ولا يحب إن وقعت، لكن يصبّر نفسه؛ لا يتحدث باللسان بما يسخطالله، ولا يفعل بجوارحه ما يغضب الله تعالى، ولا يكون في قلبه على اللهشيءٌ أبداً؛ صابر لكنه كاره لها.
والحال الثالثة: الرِّضى بأن يكون الإنسان منشرحاً صدره بهذه المصيبة ويرضى بها رضاءً تاماً، وكأنه لم يصب بها.
والحال الرابعة: الشُكر فيشكر الله ـ تعالى ـ عليها، وكان الرسول صلى اللهعليه وسلم إذا رأى ما يكره قال:"الحمد لله على كل حال"(4).
فيشكر الله من أجل أن يُرتب له من الثواب على هذه المصيبة أكثر مما أصابه.
مسألة: ما ينبغي لمن بلغته المصيبة أن يفعل.
ينبغي لمن بلغته مصيبة، أيَّاً كانت هذه المصيبة أمور:
أ- الصبر؛ فيسن الصبر على المصيبة، ويجب منه ما يمنعه عن المحرم(5).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(728هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والصبر واجب باتفاق العلماء)(6).
قال ابن القيم (ت751هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والصبر واجب بإجماع الأمة، وهو نصف الإيمان، فإن الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر)(7).
والصبر هو: حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش(8).
قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِوَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِالصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْإِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْصَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(9).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأةتبكي عند قبر فقال:"اتقي الله واصبري" قالت: إليك عني فإنك لم تصببمصيبتي، ولم تعرفه! فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت بابالنبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك،فقال:"إنما الصبر عند الصدمة الأولى"(10).
قال الحافظ ابن حجر (ت852هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ عند قوله صلى الله عليهوسلم :"إنّما الصبر عند الصّدمَة الأولى" المعنى إذا وقع الثبات أول شيءيهجم على القلب من مقتضيات الجزع فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتَب عليهالأَجر؛ قال الخطابي: المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عندمفاجأَة المصيبة, بخلاف ما بعد ذلك فإنه مع الأيام يسلو؛ وحكى الخطابي عنغيره أن المرء لا يُؤجر على المصيبة لأنّها ليست من صنعه, وإنَما يؤجر علىحسن تثبته وجميل صبره؛ وقال ابن بطّال: أراد أن لا يجتمع عليها مصيبةالهلاك وفقد الأَجر)(11).
قال الإمام الموفق ابن قدامة (ت620هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وينبغيللمصاب أن يستعين بالله تعالى، ويتعزى بعزائه، ويمتثل أمره في الاستعانةبالصبر والصلاة، ويَتَنَجَّز ما وعد الله الصابرين، قال الله عز وجل: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌقَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَعَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُالْمُهْتَدُونَ}، ويسترجع)(12).
ب- الرضا بالقضاء والقدر والتسليم التام لله عز وجل، وهذه الصفة هي منأعظم صفات المؤمن المتوكل على الله، المصدق بموعود الله، الراضي بحكمالله، وبما قضاه الله ـ تعالى ـ وقدره، بل الإيمان بالقضاء والقدر ركن منأركان الإيمان، الواردة في حديث أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الطويلوفيه" قال: فأخبرني عن الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم : أن تؤمن باللهوملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"(13).
ج- قول ( إنا لله وإنا إليه راجعون)
وذلك لما جاء في قوله تعالى:{ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} (14).
وله أن يزيد "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها"، لما جاء منحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول: "ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهمأجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها, إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف لهخيراً منها " قالت: فلما توفي أبو سلمة رضي الله عنه قلت: ومن خيرٌ من أبيسلمة؟ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم عزم الله علي فقلتها، فماالخلف؟! قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خير من رسول اللهصلى الله عليه وسلم (15).
د- أن تعلم أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان؛ لذا فهي مليئة بالمصائب،والأكدار، والأحزان، كما قال ربنا الرحمن:{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍمِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِوَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} ، وقال عز وجل: { لَقَدْخَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}(16).
هـ- تذكر أن العبد وأهله وماله لله عز وجل فله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، قال لبيد:
وما المال والأهلون إلا ودائع ولابد يوماً أن ترد الودائع
و- الاستعانة على المصيبة بالصلاة، قال الله تعالى: { وَاسْتَعِينُواْبِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} (17)؛وقد "كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرصلى"(18)،ومعنى حزبه: أي نزل به أمرٌ مهم، أو أصابه غم.
وهذا حال المؤمن الصادق، الذي لا يخطر على قلبه في وقت المحن والشدائد، إلا تذكر الله عز وجل، لأنه الذي بيده مفاتيح الفرج.
ولما أخبر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بوفاة أحد إخوانه استرجع وصلىركعتين أطال فيهما الجلـوس، ثم قام وهـو يقول:{ وَاسْتَعِينُواْبِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} (19).
ز- تذكر ثواب المصائب، والصبر عليها، وإليك شيئاً منه:
1- دخول الجنة: قال الله تعالى: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْصَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْوَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23} سَلاَمٌعَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}(20).
وقال صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت(21) صفيّه من أهلالدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)(22).وصفيه هو حبيبه المصافي كالولد، والأخ،وكل من يحبه الإنسان،والمراد بقوله عز وجل (ثم احتسبه): أي صبر على فقدهراجياً الأجر من الله تعالى على ذلك(23).
2- الصابرون يوفون أجورهم بغير حساب. قال تعالى:{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}(24)، قال الأوزاعي[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ليس يوزن لهم ولا يكال، إنما يغرف لهم غرفاً)(25).
3- معية الله للصابرين، وهي المعية الخاصة المقتضية للمعونة والنصرة والتوفيق، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(26).
4- محبة الله للصابرين، قال تعالى: { وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (27).
5- تكفير السيئات لمن صبر على ما يصيبه في حال الدنيا، كبر المصاب أم صغر؛قال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :" ما يصيب المؤمنمن نصب ولا وصب، ولا همٍ، ولا حزن، ولا أذىً، ولا غم, حتى الشوكة يشاكهاإلا كفر الله بها خطاياه"(28)، والنصب التعب، والوصب: المرض، وقيل هوالمرض اللازم(29).
قال الإمام القرافي(ت684هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] المصائب كفارات جزماً سواءً اقترن بها الرضا أم لا، لكن إن اقتران بها الرضا عظم التكفير وإلا قل) (29).
وقال صلى الله عليه وسلم :"ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله, حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة)(30).
6- حصول الصلوات، والرحمة، والهداية من الله ـ تعالى ـ للعبد الصابر؛ قالالله عز وجل: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْوَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(31).
7- رفع منزلة المصاب؛ قال صلى الله عليه وسلم :" إن العبد إذا سبقت له منالله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده،ثم صبّره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى"(33).
رد: حال الإنسان عند حلول المصيبة
شكرا لك اخي تميزت
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
A Sniper.Man- ...::|مراقب عام|::...
- الْعُمْر : 30
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 1414
بلدي :
الْنِّقَاط : 16957
السٌّمعَة : 0
رد: حال الإنسان عند حلول المصيبة
مششكورالله يعطيك الع ـآفيه
Design-sasuke- ღ عضو ღ v I p
- الْعُمْر : 32
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 8432
بلدي :
الْنِّقَاط : 29426
السٌّمعَة : 0
Design-sasuke- ღ عضو ღ v I p
- الْعُمْر : 32
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 8432
بلدي :
الْنِّقَاط : 29426
السٌّمعَة : 0
رد: حال الإنسان عند حلول المصيبة
مشششششششكور يعطيك العافية
Sifou- ღ عضو ღ v I p
- الْعُمْر : 30
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 4649
بلدي :
الْنِّقَاط : 20562
السٌّمعَة : 0
مواضيع مماثلة
» حلول مشكلة ظهور الصفحه البيضاء [ مهم جدا ]
» حلول سريعة للوحة الادارة الجديدة
» ماكافي ترفع معايير الحماية مع حلول منع فقدان البيانات
» هل يؤثر القرآن على شخصية الإنسان؟
» أضرار أكل الخنزير على جسم الإنسان
» حلول سريعة للوحة الادارة الجديدة
» ماكافي ترفع معايير الحماية مع حلول منع فقدان البيانات
» هل يؤثر القرآن على شخصية الإنسان؟
» أضرار أكل الخنزير على جسم الإنسان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى