المؤمن كالنبتة والمنافق كالأَرزة
+2
rih
Cre@tor
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المؤمن كالنبتة والمنافق كالأَرزة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] |
مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيئها الريح مرة، وتعدلها مرة |
أستاذ علوم النبات في الجامعات المصرية
للتربيةوالتعليم أساليب عدة وطرائق في التدريس منها التربية بضرب الأمثال, وقداستخدم الناس الأمثال منذ القدم كوسيلة لتقريب المراد فهمه وتوصيلهللأذهان، وفي المثل نقرب المجرد بالمحسوس والغائب بالحاضر، وكان صلى اللهعليه وسلم يستعين على توضيح المعاني التي يريد بيانها بضرب المثل، ممايشهده الناس بأبصارهم، ويتذوقونه بألسنتهم، ويقع تحت حواسهم وفي متناولأيديهم، وفي هذه الطريقة تيسير للفهم و التعلم، واستيفاء سريع لإيضاح مايعلمه أو يحذر منه. وقد تقرر عند علماء البلاغة أن لضرب الأمثال شأناعظيما في إبراز خفيات المعاني، ورفع أستار محجبات الدقائق، وقد أكثر اللهسبحانه من ضرب الأمثال في كتابه العزيز واقتدى النبي صلى الله عليه وسلمفي ذلك بالكتاب العزيز فكان يكثر من ذكر الأمثال في مخاطبته ومواعظهوكلامه (انتهى) (الرسول المعلم وأساليبه في التعليم، عبدالفتاح أبوغدة،مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب: سوريا (ط 1) (ص 12) 1996م).
ومن الأمثلة التي ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمن والمنافق من عالم النبات قوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيئها الريح مرة، وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة، لا تزال حتى يكون إنجعافها مرة واحدة)، (وفي رواية المجذية) متفق عليه.
(والخامة من الزرع): أول ما ينبت من الزرع على ساق واحدة وقيل: الضعيف، والخامة تكون في بدايتها رقيقة ضعيفة لشدة لينها.
(تفيئها الريح): أيتميلها وتجعلها منثنية ومنكفئة على الأرض، وتارة تقيمها، والمراد أنالخامة من الزرع تستمد قوتها وقدرتها على الصمود في مواجهة الريح من ضعفهاولينها.
(كالأرزة):هي شجرة صلبة، يقال أنها شجرة الصنوبر، وفي المعجم الوسيط: الأرز: شجرعظيم صلب دائم الخضرة يعلو كثيرا، تصنع منه السفن وأشهر أنواعه أرز لبنان.
(المجذية):الثابتة المنتصبة والمستقرة. (حتى يكون إنجعافها): أي انقلابها. (نقلا عنالحكم والأمثال النبوية من الأحاديث الصحيحة، سميح عباس، الدار المصريةاللبنانية للنشر (ط 1) (ص 241) 1994م).
وهذا الحديثفيه مشاهد عظيمة من عالم النبات والبيئة المحيطة به، فعندما تهب الريحعاصفة شديدة نجد النباتات الحولية الضعفية الساق والمرنة غير المتغلظةتغلظا ثانويا في السمك وغير الطويلة الساق في الحقول الشاسعة قد تمايلتجميعها كبساط أخضر جميل مع اتجاه الريح الشديدة والباردة أحيانا والحارةأخرى، ثم تهدأ الريح فجأة، فتستقيم النباتات جميعها دفعة واحدة وتعتدل،وقد تغير الريح اتجاهها فتميل النباتات معها في اتجاهها ، وهكذا تتلاعبسيقان وأوراق تلك النباتات الخضراء الضعيفة مع الريح، تنحني، وتميل، ثمترتفع وتستقيم إلى أن تهدأ الريح فتعود سيرتها الأولى وتستمر في نموهاوإزهارها وإثمارها. وإذا تتبعنا نبتة واحدة في هذا الجو العاصف نجد ساقالنبتة تتلاعب بأوراقها في سرعة عجيبة مع الرياح شدة وضعفا واتجاها.
وفي المقابلوفي نفس المكان نفسه وبالريح عينها نجد الشجرة القوية المعمرة سنوات عدةأتتها الرياح العاصفة القوية، فقاومتها بهامتها الكثيفة وساقها الطويلة،فضغطت عليها الريح بشدة ثم اقتلعتها من الأرض وألقت بها ممددة طويلةمهزومة مقلوعة من جذورها، محطمة سيقانها وأوراقها ومبعثرة في كل مكان، ثمتهدأ الريح وتدب الحياة في المكان ولكن هذه الشجرة لا تقدر على العودةسيرتها الأولى ولا يجد الناس بدا من إزالتها من المكان وتقطيعها وتجفيفهاواستخدام ساقها في الصناعات الخشبية وفي إيقاد النيران.
يا له من مشهدتصويري رائع لخامة الزرع الشديدة الضعف والرقة البينة الضعف! إلا أن الله- عز وجل - جعل لها من هذا الضعف قوة وهذا ما يطلق عليه الضعف الوظيفي (أوالضعف الايجابي)، لأنه يوظف لخدمة صاحبه ولا يكون علامة ضعف أو عجز، فمثلاالريح تقتلع كل قائم في طريقها، فمن انحنى سلم منها وأمن على بقائه (ومنلم يقدر على مقاومتها اقتلعته من جذوره) ولهذا شبه صلى الله عليه وسلمالمؤمن بالخامة (النباتية) الرقيقة، لم يؤثر في إيمانه ضراء أو نازلة،ممتثلا لله - عز وجل - واضعا نصب عينيه قوله تعالى: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا" (التوبة/51).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] |
صورة لشجرة أرز لبناني |
وقوله تعالى " الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} " (البقرة/156) (المرجع السابق ص 242).
وحتى نفهمالفوارق العلمية بين الخامة من الزرع أو النبتة الصغيرة أو النبات العشبيالقائم الساق والشجرة الكبيرة المعمرة نقول وبالله التوفيق: عندما نضعالحبوب والبذور في الأرض ونهيئ لها العوامل الخارجية المناسبة للإنبات فإنجميع البذور تخرج الجذير الذي يدب في الأرض ويعطي بعد ذلك المجموع الجذريالمتشعب في الأرض حسب جنس النبات، وطول ساقه، ووظيفته المستقبلية وتعطيالبذور والحبوب في الوقت نفسه الرويشة التي تتجه إلى الأعلى (عادة) لتعطيالساق الهوائية بعد ذلك والمجموع الخضري للنبات المتفرع في الهواء حسب جنسالنبات ووظيفته المستقبلية، وتحمل السيقان الأوراق ثم البراعم و الأزهاروالثمار والحبوب.
وفي بداية نموجميع النباتات، وفي دور البادرات تتكون الجذور والسيقان من خلايا رقيقةالجدر، مليئة بالمحتوى الداخلي تسمى الخلايا البرانشيمية وهي سهلة القطع،سهلة الثني، خالية من الأنسجة المغلظة والخلايا القوية، فإذا أتت عليهاالرياح أمالتها ولم تحطمها كما قلنا سابقا. وبعض النباتات عشبية حولية،وبعضها شجرية معمرة، لذلك تبدأ الفوارق التشريحية تظهر داخل النبات،فالعشبية تظل سيقانها ضعيفة مرنة لادنة غير مغلظة الجدر، وان وجد التغليظفهو قليل لا يحول دون مرونة ولدونة تلك السيقان وبعض النباتات العشبيةطويلة الساق كالغاب والقصب ولكنها ذات عقد على الساق المجوفة بها أماكنمرنة تسمح للساق بمقاومة الريح من دون تكسر ومقاومة كبيرة.
أما الأشجارالقوية فتستمر في النمو وتتغلظ سيقانها بخلايا ذات جدر خشبية قوية وتتغلظأوعية الخشب واللحاء فيها وتترسب عليها المواد المغلظة للجدر والمدعمةللأوعية، وفي كل عام ومع تقدم العمر يزداد سمك الساق والجذر ويطول كلمنهما ويتغلظ في طبقات وحلقات للنمو الثانوي في السمك، وتتحول الساق إلىالحالة الخشبية المتخشبة القليلة المرونة، وهذا ما نلاحظه عند دراسةالمقاطع العرضية في السيقان والجذور المسنة حيث الطبقات المتتالية التيتتسع بحسب العمر والنمو والموسم وتوافر المياه واعتدال الحرارة ومناسبتهاللنمو وهي كما قال تعالى: "فَاسْتَغْلَظَ" (الفتح/29)، أي صار من الدقةإلى الغلظة (أي صار غليظا) (كلمات القرآن تفسير وبيان، حسنين محمد مخلوف).
ولهذا عندماتهب الرياح عاصفة نجد ساق النبتة الصغيرة والنباتات العشبية غير المغلظةتغليظا قويا يفقدها مرونتها ولدونتها وصلاحيتها لمجابهة الرياح فلا تكسرهاولا تقلعها، أما سيقان الأشجار المغلظة غير المرنة فإنها إما أن تنكسروإما أن تخلع من أصولها. ولهذا نجد المؤمن الحق إذا مرت به المحنة غيرساخط ولا معترض مفوضا أمره إلى الله عز وجل سائلا إياه العون والمدد، ولكنالمنافق (والكافر) على خلاف ذلك، فهو يعتقد أن المحن من سوء الحظ، وأنهاظلم له، وليس ابتلاء من الله عز وجل، لذا فهو حينما يبتلى في نفسه أو فيماله أو أهله نجده يسخط ويجأر بالشكوى كأنه يعترض على رب العباد ويقول :لماذا اخترتني من دون عبادك بكذا وكذا؟ فهكذا عند الامتحان والابتلاءينكشف أمره فنجده يخرج من المحن محروما من نعمتي الإيمان والتسليم لله،والحديث فيه فضل الإيمان بالله (وبقضائه وقدره) وفيه ذم النفاق والمنافقينوالله أعلم (المرجع السابق) (ص 242).
إنه تشبيهنباتي رائع البعض يغتر بحال الكافر والمنافق الغني وصاحب الوجاهة والسلطةكالشجرة الممتدة الفروع والسيقان والأوراق ولا يدري أنه ضعيف مع أول محنةينكشف ضعفه وقلة مناعته، والبعض يستهين بالمؤمن لأنه كالنبتة الصغيرةفيظنه ضعيفا ولكن عند الشدائد تجده قويا مؤمنا صابرا محتسبا، وهذا الحديثليس فيه ذم للشجر القوي ولكن فيه بيان عدم المقدرة على المرونة و اللدونةومجابهة الريح العاتية، فقد مدح الله تعالى الشجرة القوية التي تتلازمقوتها مع الإيمان بالله فقال تعالى: " أَلَمْ تَرَكَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍأَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء{24} تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّحِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِلَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{25} وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍخَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ{26}يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِيالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَوَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ{27} " (ابراهيم24 -27).
فهماشجرتان يفرق بينهما الإيمان والطيبة والكفر والخبث فالأولى ثابتة الأصولممتدة الفروع، والثانية مقطوعة الجذور هالكة الفروع فلا تغرنكم المظاهرالمادية مع الكافرين والمنافقين ولكن انظروا إلى عواقب الأمور والموقفأمام يدي رب العالمين، هذا والله أعلم.
أ.د. نظمي خليل أبوالعطا موسى
رد: المؤمن كالنبتة والمنافق كالأَرزة
مشكور اخي علي الموضوع الرائع
{وماقصرت ولا تحرمنا من جديدكـ}
مع تحيتي
(KING CR7)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
{وماقصرت ولا تحرمنا من جديدكـ}
مع تحيتي
(KING CR7)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
رد: المؤمن كالنبتة والمنافق كالأَرزة
مقال روعة والاروع فيه افكاره
نعم اصبت في قولك " المؤمن كالنبتة والمنافق كالأرز "
جزاك الله خيرا
نعم اصبت في قولك " المؤمن كالنبتة والمنافق كالأرز "
جزاك الله خيرا
رد: المؤمن كالنبتة والمنافق كالأَرزة
مشششكور الله يعطيك الع ـآفيه
Design-sasuke- ღ عضو ღ v I p
- الْعُمْر : 32
الجنس :
الْمَشِارَكِات : 8432
بلدي :
الْنِّقَاط : 29438
السٌّمعَة : 0
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى