الاحتجاج بالقدر
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الاحتجاج بالقدر
ثمة مفهوم خاطئ يردده كثير من الناس ،ممن انحرف عن الصراط المستقيم في
اعتقاده وسلوكه ، إذ يجعلون من القدر حجة لهم على ضلالهم وانحرافهم ، فإذا
أذنب أحدهم ذنباً ، أو ارتكب خطيئة ، قال إن الأمر مقدر علي ، ولا حيلة لي
في دفعه . والعجيب أن هذا المنطق لا يحتج به أصحابه إلا عند فعل المعاصي
والسيئات ، ما يدل على فساد نية وخبث طوية ، أما إن أُخِذ مال أحدهم لم يقل
إنه فعل مقدر ، بل نجده يطالب وينافح بكل ما استطاع من قوة ، فدل ذلك على
فساد هذا المنطق عند صاحبه قبل غيره .
وقد بسط العلماء القول في بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والسيئات بوجوه كثيرة :
منها
بيان التوافق وعدم التعارض بين شرع الله وقدره ، ذلك أن المحتجين بالقدر
لم يفهموا العلاقة بين شرع الله وقدره ، وبيان هذه العلاقة - كما ذلك
العلماء - أن الله خلق الخلق وجعل فيهم القدرة على الإيمان والكفر ، قال
تعالى :{ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } (الانسان: 3 ) قال ابن
زيد - من علماء التفسير في تفسير هذه الآية - أي : " ننظر أي شيء يصنع ، أي
الطريق يسلك ، وأيُّ الأمرين يأخذ ، قال : وهذا الاختبار " رواه الطبري في
تفسيره .
فالإنسان وإن كان مكلفاً شرعاً ، إلا أن له حرية الاختيار
كونا وقدراً ، وهذا الأمر واقع مشاهد ، فما من إنسان إلا وهو يشعر بهذه
الحرية في الاختيار ، وبناء على هذه الحرية جاء التكليف الشرعي بوجوب
الإيمان وحرمة الكفر ، فحين لا يؤمن الإنسان يكون هو الذي لا يريد الإيمان ،
وحين يكفر يكون هو من أراد الكفر .
وأقرب مثال يدل على بطلان
الاحتجاج بالقدر أن يقال : إن الله ربط الأسباب بمسبباتها ، فإذا أراد
العبد النبات قام بزراعة الأرض وريها ، وإذا أراد الولد تزوج ، وهكذا إذا
أراد الجنة آمن وعمل صالحاً ، ولو قال العبد أنا أريد الولد ولن أتزوج ،
وإن كان كتب لي ولد فسيأتيني ، لعُدَّ من أجهل الجاهلين ، وكذلك إذا قال
الإنسان: أريد الجنة ولن أعمل صالحاً ، فإن كتب الله لي الجنة فسأدخلها ،
عد كذلك من الجاهلين .
ومما يدل على بطلان الاحتجاج بالقدر ، أنه لو
كان الاحتجاج به صحيحاً لما كان هناك فائدة من بعثة الرسل وإنزال الكتب ،
طالما أن كل إنسان مجبور على فعل ما يفعل ، ولكان للعباد حجة على ربهم ،
حيث سيحتجون على الله جلا وعلا في عدم إجابتهم الرسل بقولهم : أمرتنا
بالإيمان وأجبرتنا على الكفر ، فكيف تحاسبنا على ما أجبرتنا عليه ، والله
يقول مبينا الحكمة من بعثة الرسل :{ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس
على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيماً } (النساء:165) . ففي الآية
دلالة ظاهرة على بطلان الاحتجاج بالقدر .
ومن أوجه بطلان الاحتجاج
بالقدر - إضافة لما تقدم - أنه لو كان الاحتجاج به صحيحاً لاحتج به أهل
النار عندما سئلوا { ما سلككم في سقر } فأجابوا : { لم نك من المصلين ، ولم
نك نطعم المسكين ، وكنا نخوض مع الخائضين ، وكنا نكذب بيوم الدين } (
المدثر : 42-46 ) فلو كان الاحتجاج بالقدر صحيحا ، لقال أهل النار أجبرنا
الله على فعل الكفر ثم عاقبنا عليه .
هذه بعض أوجه الرد على تلك
الحجة الداحضة ، والواجب على المسلم ألا ينساق وراء هذه الأعذار ، وأن يكون
حاله عند سماع أمر الله ورسوله كمن وصفهم الله بقوله : { إنما كان قول
المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا
وأولئك هم المفلحون } (النور:51) ، فكذلك كان حال الصحابة رضي الله عنهم
إذا سمع أحدهم أمر الله ورسوله ،امتثل وأذعن .
اعتقاده وسلوكه ، إذ يجعلون من القدر حجة لهم على ضلالهم وانحرافهم ، فإذا
أذنب أحدهم ذنباً ، أو ارتكب خطيئة ، قال إن الأمر مقدر علي ، ولا حيلة لي
في دفعه . والعجيب أن هذا المنطق لا يحتج به أصحابه إلا عند فعل المعاصي
والسيئات ، ما يدل على فساد نية وخبث طوية ، أما إن أُخِذ مال أحدهم لم يقل
إنه فعل مقدر ، بل نجده يطالب وينافح بكل ما استطاع من قوة ، فدل ذلك على
فساد هذا المنطق عند صاحبه قبل غيره .
وقد بسط العلماء القول في بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والسيئات بوجوه كثيرة :
منها
بيان التوافق وعدم التعارض بين شرع الله وقدره ، ذلك أن المحتجين بالقدر
لم يفهموا العلاقة بين شرع الله وقدره ، وبيان هذه العلاقة - كما ذلك
العلماء - أن الله خلق الخلق وجعل فيهم القدرة على الإيمان والكفر ، قال
تعالى :{ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } (الانسان: 3 ) قال ابن
زيد - من علماء التفسير في تفسير هذه الآية - أي : " ننظر أي شيء يصنع ، أي
الطريق يسلك ، وأيُّ الأمرين يأخذ ، قال : وهذا الاختبار " رواه الطبري في
تفسيره .
فالإنسان وإن كان مكلفاً شرعاً ، إلا أن له حرية الاختيار
كونا وقدراً ، وهذا الأمر واقع مشاهد ، فما من إنسان إلا وهو يشعر بهذه
الحرية في الاختيار ، وبناء على هذه الحرية جاء التكليف الشرعي بوجوب
الإيمان وحرمة الكفر ، فحين لا يؤمن الإنسان يكون هو الذي لا يريد الإيمان ،
وحين يكفر يكون هو من أراد الكفر .
وأقرب مثال يدل على بطلان
الاحتجاج بالقدر أن يقال : إن الله ربط الأسباب بمسبباتها ، فإذا أراد
العبد النبات قام بزراعة الأرض وريها ، وإذا أراد الولد تزوج ، وهكذا إذا
أراد الجنة آمن وعمل صالحاً ، ولو قال العبد أنا أريد الولد ولن أتزوج ،
وإن كان كتب لي ولد فسيأتيني ، لعُدَّ من أجهل الجاهلين ، وكذلك إذا قال
الإنسان: أريد الجنة ولن أعمل صالحاً ، فإن كتب الله لي الجنة فسأدخلها ،
عد كذلك من الجاهلين .
ومما يدل على بطلان الاحتجاج بالقدر ، أنه لو
كان الاحتجاج به صحيحاً لما كان هناك فائدة من بعثة الرسل وإنزال الكتب ،
طالما أن كل إنسان مجبور على فعل ما يفعل ، ولكان للعباد حجة على ربهم ،
حيث سيحتجون على الله جلا وعلا في عدم إجابتهم الرسل بقولهم : أمرتنا
بالإيمان وأجبرتنا على الكفر ، فكيف تحاسبنا على ما أجبرتنا عليه ، والله
يقول مبينا الحكمة من بعثة الرسل :{ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس
على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيماً } (النساء:165) . ففي الآية
دلالة ظاهرة على بطلان الاحتجاج بالقدر .
ومن أوجه بطلان الاحتجاج
بالقدر - إضافة لما تقدم - أنه لو كان الاحتجاج به صحيحاً لاحتج به أهل
النار عندما سئلوا { ما سلككم في سقر } فأجابوا : { لم نك من المصلين ، ولم
نك نطعم المسكين ، وكنا نخوض مع الخائضين ، وكنا نكذب بيوم الدين } (
المدثر : 42-46 ) فلو كان الاحتجاج بالقدر صحيحا ، لقال أهل النار أجبرنا
الله على فعل الكفر ثم عاقبنا عليه .
هذه بعض أوجه الرد على تلك
الحجة الداحضة ، والواجب على المسلم ألا ينساق وراء هذه الأعذار ، وأن يكون
حاله عند سماع أمر الله ورسوله كمن وصفهم الله بقوله : { إنما كان قول
المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا
وأولئك هم المفلحون } (النور:51) ، فكذلك كان حال الصحابة رضي الله عنهم
إذا سمع أحدهم أمر الله ورسوله ،امتثل وأذعن .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى